كلمة العدد
غسان كامل ونوس
الألم جليل، والنّزف مجلّل بالأسى والحرقة، والفقد مرّ.. لأنّ ذلك في غير مكانه، وخارج الإطار المفترض، والمواجهة ظالمة مظلومة.
لا شكّ في أنّ المؤامرة كبيرة وواقعة وجليّة، وتستهدف سورية الوطن؛ الأرض والشعب والكرامة؛ الدولة والمؤسسات والمنجزات والإصلاحات؛ التاريخ والحاضر والمستقبل؛ الموقف المبدئيّ الحرّ المستقلّ المقاوم الرافض للاستسلام والتنازل عن الحقوق؛ الدور الفعّال، والحضور المشرّف على الساحة الإقليمية، وفي المجتمع الدولي.
وللمؤامرة مدبّروها ومموّلوها ومسوّقوها وعناصرها وأدواتها في الخارج والداخل.. وهناك استغلال للحاجات والمشاعر والنوازع، وتجييش إعلامي وسياسي عربي ودولي. ولا شكّ في أنّ هناك مطالب مشروعة، وخطوات جادة، ونيّات صادقة؛ لكنّ هناك تخريباً متعمداً، وتضليلاً وفجوراً ودعوات ظلامية..
إنّ كلّ ذلك يجب أن لا يتركنا نهب الأعراض والمشاهد والتبعات.. لأنّنا لسنا خارج الحلبة؛ بل داخلها، مشاركين أو متفرجين فاعلين ومنفعلين.
ونتحمّل جميعاً المسؤولية بنسب متفاوتة ومتداخلة، وغير مفيد الاكتفاء بالندب واللطم والتأسّي وعدّ الضحايا، واتّهام الآخرين في الداخل والخارج.
والاعتراف بالمسؤولية، جزء أساس من الحلّ، الحلّ الذي لا بدّ من أن نشارك فيه. وعدم تحميل الآخرين أيضاً مسؤولية اقتراحه وبلورته..
ما جرى يخصّنا ويهمّنا، وما يجري يعنينا، وما سيجري مسؤوليتنا.. ومن سيجترح الحل ومناقشته ويقرّه وينفّذه.. أناس منا، كانوا موجودين؛ شاركوا وشاركنا، قالوا وقلنا، أشاروا إلى الأخطاء وأشرنا، استجابوا واستجبنا أو تجاهلنا..
نعم منّا من أُهمل، وهُمِّش، وظُلم، وحوصر، ووُضع في غير ما يناسب إمكانياته وخبراته وأخلاقه..
ومنّا من غشّ وفسد وأفسد؛ تساهل وتجاهل وتغافل وسوّغ..
لن يتبدّل كل شيء بقانون جديد أو معدل، بإجراء صارم هنا، وحملة واسعة هناك.. رغم أن هذا ضروريّ ومطلوب..
لن يُستبدل الناس جميعاً، ولن تتمّ تنقية الأفكار والأذهان والنفوس جميعاً بلمحة عين، ولن يكون بالإمكان تنظيف المجاري التي ضاقت بالبقايا والخطايا والنوايا بنبضة رغبة وموجة إرادة..
ما الذي يجب أن يجري؟!
نعم يجب أن نتغيّر، نراجع طريقة عيشنا، ممارسة أعمالنا، مهماتنا وواجباتنا ومبادراتنا، علاقاتنا وعواطفنا، مفرداتنا وأحاديثنا، اهتماماتنا وانشغالاتنا..
فلن يغيّر الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم!
القضية كبيرة، والمسؤولية أكبر، والشروخ عديدة وعميقة، والترميم واجب ومحتوم وملحّ، من دون انتظار أو تلكؤ أو تأجيل.
***
الفئة: نصوص هندسية
الجنس الأدبي: مقال
بقلم: غسان كامل ونوس
الناشر: مجلة المهندس العربي
تاريخ النشر: غير محدد