الفئة: مقال
بقلم: غسان كامل ونوس
الناشر: دار الهندسة والأدب
تاريخ النشر: 2015-11-20
رابط النص الأصلي: 

في الوقت الذي يستشعر فيه الكائنُ العاقلُ الخطرَ المحدقَ على وجوده، ويحسّ أنّ مصيره- ومصير “شعوبٍ وقبائلَ”- على “حدودِ” متطرّفٍ، يُشهر أصوليّته المقيتة (الإسلاميّة وسواها) في وجوه الآخرين؛ أو على براثنِ “متحضّرٍ”، يدّعي محاربة التطرّف، فيما يغذّيه ويسوّقه ويحميه؛ وما بين الحالين من أساليب تفكير وحياة وحُكم، في بيئات متديّنة، ومنطقة مأزومة ومستهدَفة…
لا يمكن لهذا الكائن، أن يبقى مستكيناً، متفرّجاً مع جموع “الساكتين عن الحقّ”، منتظراً دوره في طوابير الضحايا؛ كي يغدو رقماً في عَدّادهم الذي لا تخفّ شراهته، ولا يتباطأ نهمه، إلّا بابتناء مَنْعَاتٍ حصينة، (أو محاولة ذلك)، في مواجهة جريان محمومٍ لتحريف النصوص، وتزوير التاريخ، وتأويلٍ مشبوه، وممارساتٍ لا تليق بالإنسان!
ويأتي بحث المهندس عاطف حسن هذا، في واقع نشأة الأصوليّة الإسلاميّة وتحوّلاتها، محاولةً مقدّرة في السبر والكشف والإغناء، وسدّ الثغرات، وتعزيز البنى الفكريّة، والمقوّمات الشخصيّة والمجتمعيّة…
وتكتسب مقاربة مثل هذه القضايا الشائكة (الراهنة والتاريخيّة) أهمّيّةً إضافيّة، بمقدار ما تكون رصينة، أمينة على الفكر، حريصة على الموضوعيّة، محترمة للعقل، متجاوزة للعواطف والحساسيّات الظاهرة والكامنة (لعلاقتها بالدين والسياسة)؛ فتدخل في الأعماق تنقيباً وتحليلاً وتصويباً، وتتمثّل بما يفيد ويُقنع، من دون التخويض طويلاً في طمي التفاصيل، وعكارة المشهديّات، ووعورة المماحكات، والاستغراقِ كثيراً في التسويغ والتجميل والاستعطاف؛ لتؤكّدَ الأفكارَ المطروحة، (ومنها الجديد الملفت: بلاد “مشع”، “لاهوت التحرير”…)، والخلاصاتِ المستنتَجة بوعي وجدّية ومسؤوليّة وجرأة؛ فتستحقّ الاهتمام والاحترام.
وهو ما نراه في هذا الكتاب.
***

اترك رداً