ندوة حول الإعلام الثقافي في طرطوس
بعنوان
“من أجل إعلام ثقافي أكثر حضوراً وجدوى”
غسان كامل ونوس
لا بد من التأكيد في البداية على أننا لسنا هنا لنتبادل التهم، وليذكّر كل منا الآخرين بأدوارهم، بل الغاية من هذا اللقاء البحث الجدي في موضوع الإعلام الثقافي في هذه المحافظة للوصول إلى حالٍ أكثر رضىً وتأثيراً.. ووجود مجموعة من أقطاب الإعلام والثقافة هنا مشاركين وحضوراً يؤكد حرص الجميع على الوصول إلى المرتجى..
الثقافة تهم الجميع.. ليس في هذا شك، والغنى الثقافي يعوض عن الكثير، في الوقت الذي لا يُعَوَّض فيه الشحُّ الثقافي إلاّ عربدة وجعجعة وخذلاناً وحطاماً..
والثقافة إقناع، ولا بد للإقناع من اقتناع.. وللاقتناع من امتلاك العناصر والمسوغات والروابط والاستنتاجات التي لا تستند إلى أوهام..
لسنا هنا للكلام عن الثقافة، وهي تستحق.. ولا للكلام عن الإعلام وهو يستحق؛ ونعد بندوات حول ذلك.
لكن ندوتنا هي للبحث في موضوع الإعلام الثقافي وفي هذه المحافظة تحديداً.
هل نعود للبديهيات حين نقول: لا بد للعملية الثقافية الناجحة من عناصر؟!
لن نتحدث عن النيّة والمسؤولية والهاجس الذاتي..
سنلخص الأمر بمحورين اثنين:
1-الأداء الثقافي: الذي يتمثل بالنشاط المنجز ولا بد لهذا الأداء من تخطيط أو برمجة، وقائم بالنشاط، وموضوع للنشاط، ومكان وحضور وحوار..
2-الطيف الثقافي: الذي ينطلق من النشاط نفسه إلى ما قبل النشاط، من حيث الإخبار والإعلان والدعوة.. ويستمر أثناءه بالمتابعة والتصوير والتلخيص والرصد و…
ويستكمل بعد النشاط بالحديث عنه: توصيفه وتحليله، وتقويمه، والتعليق عليه من الجوانب كافة..
ولما كان الأداء الثقافي وطيفه الذي يسبق من مهمة القائمين على النشاط بشكل أساس.. من حيث الإعداد الجيد وإيصال الخبر إلى أكبر شريحة ممكنة، ومنها الوصول إلى وسائل الإعلام المتنوعة في الوقت المناسب..
فإن لوسائل الإعلام دوراً أساسياً فيما يلي هذه المرحلة.. أي بعد أخذ العلم وإطلاق الخبر..
وقبل الخوض في هذا الدور الأساسي للإعلام في تلوين الطيف الثقافي بألوان نرجو أن تؤول إلى ألوان مرضية.. نقول:
إننا نقدر ضيق الفسحة الإعلامية المتاحة لمحافظة كمحافظتنا في المنافذ الإعلامية المعروفة/ تلفزيون- إذاعة – صحافة.
ولكن قبل أن نستسلم لهذا الرأي دعونا نتساءل: ما الذي قدمناه لهذه المنافذ ولم يظهر إلى النور؟!
وسأبدأ بنقد الذات فأقول:
في كل سنة نسمي في اتحاد الكتاب العرب أحد الأعضاء، وبناء على رغبته، ليقوم بتغطية نشاطات فرع الاتحاد، لكن هذا لم ينجز إلا في حدود ضيقة لا تكاد تذكر، وغالباً ما تكون الحجة جاهزة (عدم الحصول على النصوص، عدم الثقة بنشر ما يرسل، عدم حضوره النشاط..!، ضعف المبادرة الشخصية).
ولا تقف المسؤولية عند من تمت تسميته، فهناك الأعضاء الآخرون، الكتاب الآخرون، المثقفون الآخرون.. المتلقون الذي يحضرون.. لماذا لا ينبري واحد منهم ليكتب شيئاً عن المادة التي حضرها..؟!
سأتابع في نقد الذات، وربما جلدها!
هل ما يقدم من نشاط يستحق أن يكتب عنه؟!
سأقول بلا تردد وعلى غير ما هو متوقع: نعم يستحق أن يعلق عليه؛ ولكن بالتأكيد لا يستحق كله الامتداح والتقريظ. وهو يحتاج إلى فرز، هذا الفرز يقوم به المهتمون بالثقافة جميعاً وكل من له علاقة بالثقافة لا القائمون على المؤسسات الثقافية وحدهم.
وللإعلام الثقافي الدور المضاعف، حين يساهم في هذا الفرز من خلال ما يراه أفراده أو القائمون عليه، ومن خلال نقل ما يقوله الآخرون عن النشاط الثقافي ومواده.
هناك مسألة هامة أخرى في مجال الإعلام الثقافي.. يوجد من يقول –ونحن منهم- إنه لا بد للعمل في الثقافة بشكل عام من أشخاص مهتمين بالثقافة، أو أشخاص هاجسهم ثقافي. وقبل أن نطالب المشتغلين بالإعلام الثقافي بهذا الهاجس، نتساءل مرة جديدة ومرات: هل لدى جميع القائمين على المسؤوليات الثقافية في هذه المحافظة وفي مختلف المواقع والشرائح مثل هذا الهاجس الثقافي؟! وما هي نسبة من له هذا الهاجس من بينهم؟!
لكن، إذا لم يكن ذلك متوفراً، هل نتوقف عن المطالبة بضرورة وجوده؟! وهل – وهذا ما يهمنا هنا- نتوقف عن العمل الثقافي والإعلام الثقافي؟! إن هذا لا يعني بحال من الأحوال الانتقاص من القائمين على الإعلام في هذه المحافظة، بل هو تأكيد على أن التعويض ممكن من خلال الاستعانة بمن لهم هذا الاهتمام.. وهذا يحدث أحياناً.
بعض الملاحظات على الإعلام الثقافي في هذه المحافظة:
* الغياب الكامل عن بعض النشاطات.
*التغطية المبتسرة لبعض النشاطات مثلاً:
-الحديث عن جزء من نشاط فقط.
-الحديث عن بعض من المشاركين وإهمال الآخرين.
*الاهتمام بالأشخاص أنفسهم في أكثر من نشاط وأكثر من مناسبة.
*الحضور المتأخر والخروج المبكر.
*خلخلة النشاط أو التشويش عليه من خلال المقابلات التي تجري أثناءه.
*عدم التركيز على الحوار الذي قد يجري في نهاية النشاط.
*عدم طرح قضايا ثقافية هامة، والاكتفاء بالتوصيف إن حدث.
*عدم الاهتمام بالمتلقين وإجراء مقابلات معهم وأخذ رأيهم بالنشاط أو بموضوعات مختلفة.
*مراسل لإحدى الصحف عارض أن يقوم أي شخص آخر بالكتابات إلى تلك الصحيفة عن النشاطات الثقافية في المحافظة سواه، رغم أن حضوره هذه النشاطات شبه معدوم.
*إجراء اللقاءات والحوارات مع أدباء أو شخصيات لا يعرفون عنها شيئاً. وخاصة من يأتي من محافظات أخرى بمهمات تغطية ثقافية مقررة بأمر يُطلب تحديد الأسماء المشهورة وتجميع أصحابها وإجراء المقابلات على طريقة وصفة العلاج الجماعي.
*الغياب الكبير للصحافة الثقافية وفيما يخص هذه المحافظة بالذات.
بعض المقترحات لتفعيل الثقافة وتشجيع الإعلام على تغطيتها:
1-إطلاق صحيفة محلية في المحافظة تحفز الأقلام المتعددة للكتابة فيها والكتابة الثقافية جزء هام منها /إعادة إصدار عمريت/
2-تنويع الفعاليات الثقافية وعدم الاقتصار على نشاطات روتينية بالأسماء ذاتها والموضوعات عينها.
3-عدم اقتصار النشاطات الثقافية في المناسبات على المناسبة واعتبار أن الاحتفاء بالمناسبة تقتضي تقديم نشاطات جادة في أي مجال.
4-العمل على تحفيز الحضور من خلال تنشيط عملية الدعوة والإعلان.
5-التركيز على ظاهرة ثقافية، ورصدها من خلال الفاعلين فيها والمتلقين أيضاً.
6-إطلاق المسابقات الثقافية بأسماء أعلام المحافظة وتشكيل لجان مسؤولة عنها بالتعاون بين جهات مسؤولة.
7-التركيز على نوعية النشاطات وألا تقتصر على مظاهر مهرجانية فقيرة المحتوى.
8-مشاركة أوسع لمن يرغب ويستطيع في البرامج الثقافية الإعلامية.
9-تخصيص أوقات ما للحديث عن إصدارات الكتب لأدباء المحافظة في جميع الوسائل الإعلامية.
10-التأكيد على الحوار الذي يجب أن يلي كل نشاط وإبرازه في الإعلام.
11-تحفيز الأقلام والأصوات الناقدة وإفساح حيز لها ما أمكن.
12- التعاون المثمر بين الجهات المتعددة والتي لها مسؤوليات ثقافية واهتمامات ثقافية.
31- تكريم المبرزين في حقول الثقافة المتنوعة. وخاصة من نال جوائز مهمة في الثقافة خارج المحافظة، وخارج القطر. وتكريم من يصدر كتباً ويقوم بنشاط مميز. ويمكن أن تخصص جائزة لشخصية ثقافية يتم تكريمها سنوياً من خلال الجهات المسؤولة: مديرية الثقافة، المحافظة، القيادة السياسية..
علماً أننا نقوم في فرع اتحاد الكتاب العرب بطرطوس بتكريم أحد الأعضاء سنوياً.
غسان كامل ونوس
الإعلام المكتوب- الصحافة
للكلام المكتوب خلود تفتقر إليه المواد المبثوثة عبر وسائل أخرى، إذ يمكن أن تضيع الصورة بعد وقت، ويخبو وقع الكلام المسموع بعد حين، لكن المدون يحتفظ به طويلاً. تلك ميزة تحمل القائمين بالكتابة أو الذين يستطيعون ذلك مسؤولية أكبر، وميزة تجعل له أهمية خاصة.
وفي طرطوس لا توجد صحيفة محلية، وبالتالي فإن ما يكتب سوف يبحث له عن منفذ في الصحف التي تصدر خارج المحافظة، وهذا يجعل إمكانية النشر تعتمد على عناصر أخرى غير من يكتب..
هذه نفهمها، ونفهم وجود مكاتب لجميع الصحف الرسمية، وهذه ميزة إضافية تجعل عدد الذين يمكنهم أن يتابعوا ثقافياً أكثر من الوسائل الأخرى .. ومع ذلك ومع أننا نرى نشاطاً ملحوظاً للمحررين الصحفيين في طرطوس في تغطية جوانب متعددة من خدمية واقتصادية واحتفالية وهموم معاشية وإدارية ووظيفية، مع ذلك نجد افتقاداً حقيقياً للجانب الثقافي في هذه الصحف فيما يخص المحافظة، في الوقت الذي تجد فيه تغطيات أوسع للمحافظات الأخرى مع اعتقادنا أن نشاطاتنا تكاد تكون أغنى وأكثف..
هذه المسألة تحتاج إلى بحث..
الأخبار الثقافية تنشر. ما عدا ذلك لا يكاد المرء يقف على مادة ثقافية تخص المحافظة من داخلها.. إلا فيما ندر هناك جهود فردية نقدرها.. وهي قليلة جداً ومن خارج المكاتب المذكورة..
ماذا يمكن أن يقول الأستاذ هيثم محمد الصحفي الخبير والقديم في جريدة الثورة.. ممثلاً عن الإعلام المكتوب في المحافظة؟!
وكيف يرى إمكانية تطوير الإعلام الثقافي المكتوب في المستقبل؟!
الإعلام المرئي- التلقزيون
أجزم أن لحضور التلفزة تأثيراً مهماً وجذاباً ومؤثراً وواسع الأصداء والأطياف وهذا ما كنا نفتقده في هذه المحافظة قبل سنوات، ما عدا بعض الحضور المناسباتي. وقد وفقنا مؤخراً بمركز إذاعي وتلفزيوني، فصارت الكاميرا أقرب وصار لطرطوس برنامج أسبوعي زاد من حضور وفعالية هذا الجانب الإعلامي الهام، لكن هل هذا يكفي ثقافياً؟! بالتأكيد لسنا وحدنا من يقيم النشاطات، وبالتالي فإن البرنامج والمركز لكل الشرائح والمواقع.
وسؤال آخر يفرض نفسه: هل يمكن بث كل ما يغطّى؟!
سنترك الكلام للمذيعة التلفزيونية أسيمة حسن ممثلة الإعلام المرئي في المركز الإذاعي والتلفزيوني بطرطوس لتناول هذا الجانب الهام من الإعلام الثقافي:
ما هي الإمكانيات المتاحة، وما هي ملاحظاتها، والأفكار التي يمكن أن تغني عملنا الثقافي بوجود الإعلام التلفزيوني.
الإعلام المسموع – الإذاعة:
الإذاعة غرامنا الأول، واهتمامنا. لحضورها وقع عذب منذ الطفولة، والأذن تعشق قبل العين أحياناً..
كان ذلك، فهل ما يزال؟!
الإذاعة حاضرة في طرطوس منذ سنوات، وحضورها الثقافي فاعل.. المذيعة صباح إبراهيم متابعة جلْدة، من النادر غيابها عن نشاط ثقافي، ولقاءاتها مستمرة مع جميع المشاركين في الفعاليات الثقافية، ومع عدد كبير من الأدباء، تنقصّى أخبار النشاطات قبل حصولها من خلال الخطط المقررة، ثم تجمل الحديث عنها في فواصل الموسم..
وزاد من فعالية حضورها البرنامج المباشر على الهواء، إضافة إلى برنامج أسبوعي مسجل ماذا يمكن أن تقول الآنسة صباح إبراهيم في الإعلام الثقافي المسموع في طرطوس وما هي الإمكانية لتحسين أدائه أكثر، وماذا تقول عن النشاطات الثقافية من رؤية إذاعية؟!