الصفحة الرئيسية
الافتتاحية
سياسة
اقتصاد
محليات
تحقيقات
ثقافة
تشرين
05/03/2013
«قريباً من القلب».. غسان كامل ونوس في ملتقى بانياس الأدبي
ثناء عليان
«قريبا من القلب» مجموعة من النصوص جمعها الأديب غسان كامل ونوس تحت عنوان «كتابات 4», صادرة عن دار فرقد للترجمة والنشر, احتار النقاد في تصنيفها أدبياً,
يقول ونوس في إحدى الندوات: إنها تحتوي عدداً من النصوص من دون تسمية جنس أدبي لها, بل تركت للقارئ أن يتلمس ذلك, ليس تهرباً, بل لأنني أري أن النص هو الذي يفرض شكله ومضمونه على المتلقي, كما على الكاتب, وأود أن ينشغل القارئ بما كتبت وليس بشكل الكتاب إنها تجربة أحبها, لأنها خلاصات مشاعر, تجارب, أفكار, وهي صدى لأحاسيس بشكل تطمح أن تصل فيه إلى السعادة والمتعة, لكن النهايات تقف دائماً في طريق ذلك… هذه المجموعة – قريباً من القلب – كانت في ميزان النقد مؤخراً في ملتقى بانياس الأدبي في طرطوس من قبل مجموعة من الكتاب والنقد.
السفر الرابع
كانت البداية مع الروائية لميس بلال فقالت: يأخذ الكاتب القارئ إلى الحزن الأسود في جماليّة متقنة من قلب البدهيّات ليصح العكس تماماً وتتجلى الرّؤى الفسيحة للنقيضين المتلاقيين الحاملين معاً سرّاً كونيّاً أو حداً ندركه بإدراكهما على الدرجة نفسها من التسليم والإيمان, ويضعنا الكاتب على طرف خيط يتلاشى سريعاً: لهفة كسيرة, نظرة حسيرة, ودّ متّسع ولطف ثر, وبعد يشقى ويترك ما بقي بلا معنى, ومن دون تمهيد يأخذنا إلى وحدة الوجود: أي معنى لراحتك والآخرون قلقون؟ إلى آخر المقطوعة, ونجد أن السبب وراء البؤس المفرد إنّما يعود للبؤس الجمعي, ليعتذر على استحياء مما بدا عنده من كآبة ويأس, وتندفع الحكمة خارج ضبابها: يستطيع المسار الوحيد أن يحدّد اتجاه خطوك لكنه يفتقد أصداء اللهفة, وهنا ننتقل كقراء إلى مدار آخر يقاوم فيه الكاتب اللاجدوى التي أرادها بنفسه وامتدحها فيما سبق.. بينما يرى أحمد الشبلي نصوص «قريباً من القلب» رشيقة خفيفة ذات دلالات واسعة, تدعو إلى تلمس ماهو جميل في دواخلنا وما حولنا, بعد أن فقدنا الجمال بسبب حصار القبح والبشاعة التي سدت علينا آفاق الحياة الواسعة الرحبة, فقد استطاع ونوس عبر نصوصه اللعب بالكلمات وأجاد بذلك, فاعتمد التكرار لبعض الألفاظ لتشكل لأزمة تخلق إيقاعاً جميلاً متناغماً يوقظ فينا العقل ويوقد الذهن, وجاءت نصوص الكتاب متمردة على المألوف تنساب شاعرية, ترسم بالكلمات الملونة لوحات آسرة, تتناغم بهارموني رائع من الموسيقا الداخلية, وبقفلات رائعة ومفاجئة تأخذنا للاندهاش, تحمل في طياتها الكثير من الحكمة والمعرفة.
لوحة فسيفسائية
من جهته أشار القاص جعفر نيوف إلى تميز غسان ونوس بقدرته على التكثيف من المواعظ والخواطر بل الأقوال المأثورة والتي هي بشكل عام غير محدودة وغير مسماة من أي نوع أو جنس أدبي.. إنه عمل أدبي له طعم خاص, يدل على عمق وثقافة الكاتب الذي يستنبت من تحت وطأة أحاسيسه ومشاعره مرة.
ولفت نيوف إلى أن الحالة الضوضائية والارتباكية التي يعيشها الكاتب انعكست بصورة أو بأخرى على حالات اجتماعية متعددة, ودلت على ضوضاء فكري ومجتمعي, وعلى الرغم من هذا فالكاتب مصر على المضي قدماً رغم تعثراته.
وينهي نيوف مداخلته واصفاً هذا السّفر من الكتابات بلوحة فسيفسائية مكونة من جمل قصيرة مشحونة بالعواطف والمواقف والمفردات ذات الواقع الخاص المتلائم مع المناخ النفسي, مشيراً إلى أن الكاتب عمد على أنسنة الأشياء ودفعها لتكون مولداً خلاقاً.
الشاعر علي سعادة يقول: يغسل ونوس يديه وقلمه من غبار الغموض المتعمّد, ليشرق علينا حكيما عجنته التجارب الكثيرة والقراءات الغزيرة, ولم تعد تعنيه التسميات, فسمى نتاجه الجديد «كتابات4» وأحال إلى القارئ أمر انتقاء ما يراه لائقاً من أسماء لهذا الوافد بعد العديد من المجموعات الشعرية والقصصية, والروايات, فهل تعب من التوصيف والتصنيف؟ أم هو هروب من تبنى قصيدة النثر؟ أم أنها لعبة ذكية غايتها إشراك القارئ في شرك الجدل الأدبي الجميل, مشيراً إلى أن أسوأ ما في «كتابات4»غياب تشكيل أواخر الكلمات, وحضور علامات التعجب والاستفهام والنقاط, وكذلك غياب العناوين, متسائلا لافتاً إلى تكرار عبارات مثل (الانتظار, اللهفة, الكثير, السرعة, وفات الأوان وغيرها الكثير) ويبدو أن الشاعر تنبأ بالأسئلة التي سيطرحها كتابه, فأجاب سلفاً «لا تهتموا كثيراً بالتحديد والتكهن والسؤال فات الآوان».
بلا رتوش
أما الشاعرة ليندا إبراهيم التي خيّل لها وللوهلة أن القارئ العارف بغسان ونوس لابد له من أن يقع في فخ فريسة التصور المسبق لما سيقرأ ولمن سيقرأ, وعليه فإن ذاكرته ستهيئ له سلفاً هذا التصور, وتقول: إن حقيقة مابين أيدينا اليوم «قريبا من القلب» تضعنا في مكان آخر مما نستطيع إطلاق الاسم عليه «صنف» من أصناف الكتابة, وجنس أدبي مغاير لما تعودناه من إنتاج ونوس, فما بين أيدينا هو نصوص نثرية تتراوح بين قصائد شعرية بامتياز, وبين ما نسميه أقوالاً أو خلاصة تجربة لم يرد الكاتب أن يصبها في قالب شعري, وبين استرسال يقترب من الخاطرة, ينظم عقد كل ما ذكرت لغة عالية وواضحة, لم يجد الكاتب نفسه ولم يتعمد ذلك.
وتعد إبراهيم «قريباً من القلب» بمنزلة استراحة المحارب ووقفة تأملية انسكب فيها كل ما لم يقدر لونوس أن يسكبه قصة أو رواية أو شعراً, آثر أن يسكبها هكذا بلا رتوش وعناوين وبلا جنس أدبي واضح.
Sna.alyn@gmail.com
عودة إلى الصفحة الرئيسية
|
عودة