الفئة: رأي
بقلم: غسان كامل ونوس
الناشر: موقع علماء سورية-موقع إي سيريا
تاريخ النشر: غير محدد
رابط النص الأصلي: 

في الإصلاح! – غسان كامل ونوس
Share/Bookmark

ليس الإصلاح شعاراً يُنتشى بترديده؛ أو يُكتفى؛ بل هو رغبة وحاجة وضرورة..

وليس الإصلاح عارضاً أو طارئاً أو موسمياً؛

بل هو دائم ومتواصل ومتنامٍ ومترافق مع مختلف النشاطات والفعاليات والخطوات..

والإصلاح لا يخص فرداً أو جماعة أو قطاعاً؛

إنه شامل ومتكامل..

وليس الإصلاح خطياً أو خطوطاً متوازية؛

بل يفترض أن يكون حيوياً أو متشعباً ومتفاعلاً؛ ولكنه لا يكون عشوائياً أو نتاج حماسة أو فورة؛ بل لابد من رؤيا وتخطيط وبرامج.. وتنفيذ وممارسة!

ويحتاج الإصلاح إلى قوانين ومبادئ وقواعد تؤمن المشروعية، وتفرض المواكبة؛ ولا بد من وجود الإمكانية للمبادرات والتسريع والتدخل الإسعافي حين الضرورة في قطاع ما، ومكانٍ ما. وللإصلاح عناصر متعددة؛ أهمها الإنسان، القادر فكرياً ومعرفياً، والمحصّن أخلاقياً، والواثق والآمن.. مع الإمكانيات والموارد، والبُنى والمفاصل..

ولا شكّ في أنّ هناك أولويات، لكن لا يعني ذلك أن ينتظر القيام بالإصلاح في جهة ما حتى ينتهي في مكان آخر؛ أو يقلع ويصبح محسوساً.

فالإصلاح السياسي مهم لأنه يؤمن مشاركة جميع أفراد الشعب في المسؤولية مع اختلاف رؤاهم وآرائهم.

والإصلاح في مجال التعليم في جمع مراحله، والإصلاح الإداري، والقضائي.. أمور أساسية لأنها تنعكس على مختلف القطاعات الأخرى.. لأنها تقدم العلم والمعرفة والخبرة والقيام بالأعمال.. والمحاسبة.. التي لا إصلاح حقيقياً من دونها.

هذه أمثلة.. أما الإصلاح فيفترض أن يكون ورشة متواصلة منفتحة سلسة… قابلة للتطور، والتعامل مع المتغيرات التقنية والاقتصادية والعالمية.. بثقة وموضوعية ووطنية؛ فالإصلاح في صالح الوطن والمواطن، ولا يمكن أن يكون على حساب الناس؛ بمعنى إهمال ما لدينا من كفاءات وإمكانيات، واستيراد ما لدى الآخرين بلا خبرة أو مسؤولية..

وأن لا تكون الفائدة الآنية هي المطلوبة، فنتخدّر عن الفائدة المستقبلية التي تتطلب تأمين الاستمرارية والفاعلية..

ولا يمكن أن يكون الإصلاح على حساب الوطن؛ بمعنى الاعتماد على الآخرين دولاً أو شركات أو بنوكاً بما يؤثر على استقلالية القرار الوطني، ومنعة البلد وقوته وصموده.. والإصلاح ليس غاية بحد ذاته؛ بل هو سبيل إلى الغايات الوطنية والإنسانية كفاية وعدلاً وتحرراً وكرامة..

وقد بدأ الإصلاح منذ سنوات، تقدم في مكان وتعثر في أمكنة؛ لأسباب داخلية وخارجية.. وهذا لا يسوّغ التأخير أو التقصير.. والإصلاح مسؤوليتنا جميعاً، كل في مجال تواجده وعمله ومسؤوليته؛ ابتداء من الأسرة، وانتهاء بالمهمة التي يتولاها..

وتقصير الآخرين أو إهمالهم يفترض أن لا يكون مسوّغاً لنا للقيام بالمثل، ومهما كانت نسبة المتعثرين أو المرتكبين، ومهما كانت مستوياتهم وقراباتهم وشهاداتهم؛ فذلك لا يجعل ما يقومون به صحيحاً أو مشروعاً أو مسكوتاً عنه.. مع التأكيد على أهمية البيئة في دفع عجلة الإصلاح أو إعثارها..

ومن المؤكد أن الإصلاح تحدٍ في كل وقت، وهو تحدٍّ حقيقي وكبير في المرحلة القادمة.. ومن المؤكد أن هناك من لا يرغب في الإصلاح في مختلف المسؤوليات لأنه سيؤثر على (مصالحه) إذا كان (مستفيداً) من المرض المستشري في الوسط الذي يعمل فيه، وقد يمالئ العديدون أو ينافقون أو يدعون.. فيكثرون من المطالبة بالإصلاح و(يحتجّون) من أجله، وهم يريدون العكس.. لكي يكون لهم دور أيضاً في ما يأتي، كما كان لهم أدوار في ما كان؛ وهذه مشكلة حقيقية لابد من التنبّه إليها، ولابد من اختيار الكادر المناسب، ولابد أن يكون من يقوم بالاختيار موثوقاً أيضاً..

لا شكّ في أنّ هذا كله ليس يسيراً، ولا دروبه سالكة آمنة مفروشة بالورود، لكنه الخلاص الذي يفترض أن نسعى إليه بلا تردد أو جبن، أو تأخّر، أو تسويغ!!

غسان كامل ونوس

اترك رداً