شـــــــرف..
يغصّ النداء، وتُجَرَّحُ الكوى، وتَختنق الأبواق، أو تكاد
كأنّ الكلام الخارج من منافذ الوقت
بلا علامات فارقة
كأنّ الأنفاس مضرّجة
والمساماتِ صمّاء
كأنّ الذي أطلق الولاءاتِ أعمى
والذي أحرق المراكب مفلسٌ
أو مقامرٌ أو عنين
لماذا الحوافر ما تزال، عادت،
والغبار مستعرٌ
والرِّدّة محتدّةٌ
والخندق يتعمّق
وولائم العرش تتجدّد
على اختلاج الرمق الأخير؟!
كأنّ الخزائن المذهّبة ضاقتْ
واللذاذات ملّتْ
فدبَّ صدأُ الخناجر، وانهدّ مُنكَرُ الحناجر،
ونزقُ السيوف المنذورة لثأر محنّط،
في جباهٍ معفّرة، وآفاقٍ معطّرة!
ليس الصباح بأمثل
ولا الرياح المشتهاة
ليس «الربيع» مهرجاناً للزهور والعطور
ولا الرياحين تكفي رطوبة المقابر،
ومعزوفةُ الشهيد لا تنقطع،
ولا مراسم الوداع
ولا وقت للدعاء، ولا رجاء
لا سمتَ للفرائض، ولا نوافل
ولا هواء يكفي الأنفاس
والمساماتُ مصمتة
ولا ستائر للعورات
ولا نظّارة!!
فماذا تنتظر ولماذا تحتار؟!
وأيَّ رَكْبٍ تختار؟!
وما الفرق في الموات بين الوأد والرجم؟!
وما الفرق في الفقد بين المهد واللّحد؟!
وما الفرق في حمّى الوقيعة بين الجنّة والنار؟!
وإلامَ تخبّئ الأمل، ما تبقّى، وتسترق الصحوَ
والفضاءاتُ عكارة، والتخوم قتام؟!
وإلامَ تستخيرُ النجومَ تعثّرت، والمدارات تعرّجت؟!
والحظوظ لا تُمنَحُ، ولا تُشتَرى،
والمصائر لا أجراس لها، ولا الآجال..
والكرامات لا تورّث، والمَكرُمات ليست للمساومة،
والشهادات من رضا الطيبين، ونهداتِ المعذّبين
وشرف المحاولة واجب وقيمة، والإرادة زاد لا ينضب،
والثقة أمان
ونُبْلُ الموقف فوزٌ أكيدٌ
ورصيدٌ لا يَنْفَد!!