الفئة: شعر
بقلم: غسان كامل ونوس
الناشر: الأسبوع الأدبي
تاريخ النشر: غير محدد
رابط النص الأصلي: 

سلامٌ سلام

لفجرٍ تندّى بهمسٍ حييٍّ
لكي لا يفيقَ الصغارْ
ووقتٍ تنامى على مبسمٍ متعَبٍ
من تعاويذَ تنداحُ عبرَ الحصارْ
ووردٍ تزاكى
على بُردةِ الصبحِ-
والخطوُ يَنْدى
ووخزُ الهمومِ انتثارْ
وتحكي التفاصيلُ عن همّةٍ
لا تنوسُ
ولغزٌ يسوسُ
الحكاياتِ
يستنهضُ الصبرَ والأمنياتِ
على حادياتِ الرؤى والنهارْ
*

لفجرٍ يحنُّ إلى موعدٍ لا يبور
تلاقيهِ* أنشودةً من ضياءٍ
تهلُّ “على الريق” ريّانةً-
والمدى
مقفراً ما يزالْ

تُراودُها الدربُ-
يُدمي خطاها الفُضولُ-
السفوحُ انفراجُ الرؤى-
والذرا هائمات
بمنديلِها تهتدي
في امتدادِ الظلالْ
يواري المدى رعشَهُ الوعرَ
والطقسُ ما انصاعَ إلا لتنّورِها
والرحى كلَّ همٍّ تدور
*
لفجرٍ يضنُّ بإشراقهِ
والكناناتُ منذورةٌ للخَواء
ومَنْ للضجيج الشهيِّ
على مبسمِ العيدِ-
زوّادتي من سِواها اصطفاها
ومنْ للنّداءاتِ والهجسِ
في هدهداتِ النعاس؟!
تحاذرُ أن تخدشَ الدفءَ
أن أخلِفَ الوقتَ
ما بينَ حِرصَيْنِ
تدنو وتدنو
فأنهضُ كالمستجيرِ بما في يديها
وأمضي ليومٍ عسيرْ

فمَنْ ذا لهذا الزمانِ العصيِّ؟!
وهلْ مِن مُجيرْ؟!
ومنْ في الهزيعِ الأخيرِ
من النبضِ يهفو
إلى عرَجي المُستزيد
يُدادي خطايَ الحيارى
يطيِّبُ في المبتَغى خاطري
ما يلي من مَرارْ
ومَنْ للّيالي؟!
ومن لارتعاشاتِ خوفٍ
وبردٍ
ومن في ختامِ الحكاياتِ يسهو
عن النطقِ بالحكمِ
يَرضى بما تجتنيهِ الفصولُ
وما في ثنايا السلال؟!
*
.. فَمِنْ خبزِها قد شبعنا
-يقولون-
من جامِها..
فماذا أقول؟!
وماذا تقولُ الطريقُ
تُصَعِّدُ في الضيقِ-
لا تشتكي أو تهون
ولا تستكين لهمٍّ تعالى
إلى غُرةٍ السفحِ
بالرغمِ من حشرجاتِ السبيل؟!

وماذا يقولُ التقطُّرُ
هلْ مَلَّ من حلكةِ الانتظار؟!
وما ملّتِ (العَينُ) ترنو
إلى حُقِّها…
وماذا تقولُ الجِرار؟!
*
ونشكو إليكِ…
يداك تردّانِ غزوَ الثغورِ
وعيناكِ في القببِ العاليات
ونشكو
يفرُّ الغزاةُ-
الشياطينُ تَعمى-
الفلاةُ تطاردُ ذئبانَها
والحكاياتُ تمضي
إلى منتهاها الأمين
ونشكو…
لِمَنْ تشتكين؟!
*
تدورُ الفصول
وفي الركنِ عُمْرٌ يدخّنُ-
في الروعِ سِفرٌ تلوّنُه التمتماتُ
وتصبو إليهِ الرؤى الحالمات
وحبوٌ
وتوقٌ إلى فسحةِ الضوءِ
والحلمُ في مقلتيهِ الغبارْ
فاصغِ إلى ما تقولُ الرياحْ
إذا ما تطوفُ بأوزارها
إذا ما تلوّحُ بالعريِ
والهطلِ
والقلقِ المستطيل
تُرى
ما تقول؟
*
سلامٌ إليه**
يبكِّرُ في الهمِّ
يَلقى بنهداتهِ أوّلَ الفجر
يمضي إلى عمقهِ
بالتعاويذِ والبسملات
بقامتهِ يتَّقي الريحَ
ألّا تعكّرَ توقاً
ولهفتهُ في اندلاعٍ
لخطواتِنا الواجفه
تُراهُ
– وقدْ بكّرتْ روحُهُ في الغيابِ-
يمهّدُ كيْ تعبري؟!
تُراه يشذِّبُ أغصانَهُ
تُراهُ يحضّرُ ألحانَهُ
يعدُّ الصباحاتِ
لا يغربُ الدفءُ
لا تهربُ الفرحةُ النازفه؟!
*

تأخرتِ عِقدينِ
بكّرتِ إذْ نحسبُ الوقتَ
بالحَضنِ والضحكةِ الوارفه
وبكّرتِ…
آهٍ لوَ انّك…!
لكنْ إليهِ المآل
تأخّرتِ عقدينِ في إثرهِ
وما كانَ يرضى
ولا ترتضين
تأخّرتِ
كيف التغافل عن لومِهِ المرِّ
عن ثورةٍ لا تَنوسُ
ولا تهجعُ العاصفة؟!
*
سلامٌ إليهِ..
تدارينَ أسئلةً لهفةً
عن الشجرِ الحلمِ قد صارَ أعلى
عن الومضِ قد طافَ أبهى
عن الزرعِ-
والضرعِ-
قد صار أندى..

سلامٌ إليه
– أضاميمَ زهرٍ
على الشرفةِ العاليه

ولغوَ الأراجيحِ
في الدار-
تزهو…
تزفّينهُ
لثغةً في الممراتِ
طيفَ الرضا والأمان
*
سلامٌ إليهِ
سلامٌ إليها
سلامٌ إلى ما تبقّى لنا
مِنْ أمان!
سلامٌ على ما تبقّى لنا من أمان!!
***

* أمي.
** أبي.

اترك رداً