الفئة: زاوية
بقلم: غسان كامل ونوس
الناشر: الأسبوع الأدبي
تاريخ النشر: 2013-02-16
رابط النص الأصلي: http://www.awu.sy

ليس آخراً
بلا طقوس!
غسان كامل ونوس
أوغلتُ في الغيّ؛ فهل من مَطْهَر؟!
أسرفتُ في الهذر؛ فهل من وازع أمين؟!
أجدبتُ؛ فهل من رواء؟!
تبلّلتُ بسوائل تُريق.. فأين شآبيب التوبة؟!
أوغرتُ الصدورَ والسُّموتَ بالصدوع والنكران؛ فلا الغيم عقّ، ولا بالرضا نعمت؛ فهل من فرجة لنسائم الغفران؟!
شردتْ بي الخطا والعظات، وتناهبتني الجهات؛ فهل من رشاد؟!
عثرت؛ فهل مَن لا يذكّر بالنتوءات والأخاديد، ويمدّ إليّ مهجة أو ألفة؟!
احترت؛ فهل يجتاحني الصمم، ويأسرني القنوط، أم يتنبّه إليّ دالّ، أو أصفو إلى دليل؟!
شككتُ؛ فهل من حصانة أو يقين؟!
*
البرعم يتفتّح بعد إغماض وإعراض، والنبع انبثق من بعد شحّ وغلّ..
ورائحة الطيب تطوف من بعد تنكّر، والغيث جادَ بلا طقوس استسقاء، والخضرة انداحت من دون دعوة أو استئذان؛
الحلم استفاق بلا منبّه، لم ينمْ!
الوقت قَطَعَ بلا مِسَنّ، وسالَ بلا ميزاب!
والحزن استضاء والوجع تفاقم!!
والندم يحتزّ، والتبكيت يئزّ؛
فلا انطفأت مسامات الرحيق،
ولا استقفرت شرعة الطريق!!
*
الجناح ليس للقيلولة، والصوت ليس للضجيج، والكلام ليس للثرثرة،
واللسان ليس للرّجم، واليد ليست للصفع، ولا للتصفيق!
النهار ليس للانطواء، والليل ليس للتربّص، والورد ليس للقبور، والدمع ليس للتماسيح!
الخلوة ليست للوشاية، والعهد ليس للاستباحة، والنداء ليس للاجتياح، والدعاء ليس على الآخرين، والصلاة ليست للتكفير، والتكبير ليس للقتل!
النوافل ليست للنميمة، والأرض ليست للمقابر، والبحر ليس للنفايات، والنهر ليس للضفة، والدّفق ليس ترويحاً عن النفس، والأنين ليس نوافل!
والشراع ليس للرياح، والرياح ليست للعاصفة، والعاصفة ليست للانتقام!!
*
التخمة تتدشّأ نجيعاً، والفوارغ تحتشد وتتوزّع، والكنانات مأزومة؛
الخطو لاذع، والدرب تنفُرُ، والساحات منخورة؛
فهل من قابليّة، والحال بلا جاذبيّة؟ّ!
وهل مِن تلويحة؟! ولا مَن يأتي، أو يتلفّت؟!
وهل مِن وشوشة أو همسة، والصدى يتمزّق، واللهفة تنكفئ، والحضن مستوحش؟!
أمَا تعبَ الوقد والنفخ، وتحرقت يداك، والشفاه تتلبّث بالاعتراف؟!
القِدر يغلي، والمغليّ بلا مسام، والبخار بلا طعم؛ أم أن الثقوب بلا ذائقة!
*
الجرح ليس للاتّهام، واللّقاء ليس من أجل ما كان، وليس الآتي بمعزل، ولا العدل بميزان؛
أنت في ورطة، وأنا قَلِق أَرِق..
أنت أدمنت لعبة المكر والكرّ، والكمينُ بلا متعة الانتظار، والصّيد بلا حذر أو تلهّف؛
لم يعد للخطر بأسه، والمفاجآت بلا معنى، والمغامرة بلا إثارة، ولا للمقامرة وقع؛
فخفّف الخبط عشواء، وتلوَّ على الجَلد والسّهد؛ فالمِسَنّ تثّلّم، والتشفّي عادة لا تطاق، ولا تسلم من شظاياه الروح، ولا مَنْ يرعوي، ولا الإثم يرتوي؛ فهل مِن قصاص الدّنى يغرف الأخرويّ؟! وهل من رغام المنى يصطفي زاده الكُسَعيّ، أو تكتوي الجباه المشرعة؟!
***

اترك رداً