الفئة: زاوية
بقلم: غسان كامل ونوس
الناشر: الأسبوع الأدبي-ليس آخراً
تاريخ النشر: غير محدد
رابط النص الأصلي: 

انتظار!
غسان كامل ونوس

مازلتِ بالباب، وجهكِ صوب الطريق، وعيناكِ تتقرّيان المشاهد، تتفرّسان في ملامح القادمين..
لم تهن اللهفة، ولم يفتر التّوق.. رغم مرور الوقت، وانقضاء النهار والكثير من الليل.
الدبيب مرصود، والحفيف مسموع، رغم الضجيج المعلن، والأنين المكتوم الذي لم يهدأ منذ أيام، وأسابيع..
الآهات والأدعيات والتعاويذ، ومختلف النفثات الحرّى، شفّت؛
المواء والعواء والنقيق، الحشرجة والقلقلة والفحيح.. غابت، أو لم يعد لها صدى مؤثر؛ فأحاسيس الاستشعار نحو الجهة التي يتقافز فيها نبض القلب، ويطوّف طيف الروح!
النهار والليل عبرا من رصيد العيد، ونهارات وليال لم تخفّف من حمأة الانتظار.
“ستأتي –تناجين- لنتواشج في الطقوس التي اعتدنا عليها، تلك التي لا معنى لألفتها إذا لم نكن معاً.
أعرف أن الكثيرات مثلي ينتظرن، والكثيرين على قلق؛ لولا ذلك لقتلت نفسي!”.
الكثيرات مثلكِ والكثيرون.. لا يعيّدون؛
فما معنى العيد إذا كان حزانى فاقدون، خائفون ومألومون، حائرون ونازفون؟!
ما قيمة العيد إذا ما ساء الظنّ، وضاقت الرؤيا، وضلّلت العبارة، وضعف العقل، وناس الوعي، وذبلت المروءة؟!
ما مغزى العيد؛ بل ما معنى الحياة، إذا خاف الجار، وهرول العابر، وارتعب الطفل، ووُدّعَ الخارج، واُستقبل الداخل كأنه مولود؟!
ما فحوى العيد إذا ما عزّ المهنِّئون، وقلّ الجابرون الخواطر، وتردّد المُواسون؟!
وكيف يكون العيد إذا ما تشارس الفاجرون، وتمادى المحرّضون، وتنادى الناعبون، وتبارى المتاجرون بالعواطف والمشاعر والدماء؟!
وماذا يتبقى من العيد إذا ما تجاحظ الشاهدون الزور/العيان؟! وإذا ما توحّش المتربصون، وتكاثر المتآمرون، وتغوّل الحاقدون، وأعدّ المعتدون العُدد للتجويع والترويع؟!
ما زلتِ تنتظرين، وينتظرن، وينتظرون؛ وليس انتظاركم بلا مسوّغ أو أمل أو جدوى..
إننا في الطريق التي تحول دون أن يحقّق أعداء الله أهدافهم القاتمة ورغباتهم القاتلة؛
لن نخيّب الظنّ في المواجهة المفتوحة؛ سنمنع أعداء الحياة من أن يسوّدوا أوقات العيد وأحلام الأجيال، ونصدّ الغادرين كيلا ينالوا من الخاصرة التي تلتحم الخواصر، والظهور التي تسند القامات، والرؤوس التي لا تنحني.
إنّنا حاضرون في أيّة جبهة يكمن فيها الجهل، وتفحّ الفتنة، ويتلطّى الكره، ويتبارز الطمع، وتتباهى الحماقة، وتفتتن الشماتة، ويتنطّح الانتقام..

مازلتِ تنتظرين برجاء وحماسة وقناعة..
لن تَخيبي.. فأنفاسي لن تنوس، وطيني لم يجفّ، واسمي لن يبرح، وصورتي لن تغيب؛
رغم أنّي منذ أيام أو أكثر..
غير بعيد عن حيطان البيوت، وأركان القنوت، وجذور الجذوع، وأثافي الولوع..
حطّ رحالي الأخير!
***

اترك رداً