جمعتني بالأديب غسان كامل ونوس لجان تحكيم المسابقات الأدبية المركزية لاتحاد شبيبة الثورة في دمشق , وكان ذلك في مطلع التسعينيات ،اذكر أنه كان معنا في اللجان الأديبان المعروفان : نزار بريك هنيدي وهو طبيب جراح وأديب، ونزار بني مرجه وهو طبيب أسنان وأديب وسمحت لي الإقامة في غرفة واحدة مع الأديب غسان كامل ونوس أن أتعرف إليه أكثر فأكثر ،كان متنوع المواهب الأدبية , رومانسي التعامل , هادئ الحديث يعجبك إنساناً قبل أن يعجبك أديباً .
وافترقنا بعد انتهاء المسابقات وعاد كل منا الى مهده الأول يحمل عنوان الآخر وذكريات أيام جميلة ومواهب شابة واعدة أصبح لها فيما بعد مكانا ً على ساحة الأدب العربي الحديث , وكم حدثني عن مدينته صافيتا وبرجها المشهور وتوسطها المتميز بين مدينتي حمص وطرطوس فعين لها على البحر وعين على السهول .
وكم أشعرني أنه مهندس حتى في نصه الأدبي , فهو صاحب مكتب هندسي خاص وصاحب موهبة أدبية , حصل على جائزة محمود المسعدي في القصة القصيرة من مركز الوطن العربي للنشر والإعلام – رؤيا – في الإسكندرية عام تسعين , كما حصل على جائزة ايبلا للشعر في سورية عام اثنين وتسعين .
ثم تجدد اللقاء من خلال وجوده في المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب العرب وكانت لقاءاتنا فرصاً جميلة لإهداء الكتب ، وغسان كامل ونوس غزير في إنتاجه الأدبي المتنوع فله في فن القصة : هامش الحياة .. هامش الموت وهي أول مجموعة قصصية له صدرت ضمن منشورات اتحاد الكتاب العرب عام واحد وتسعين تلتها : الاحتراق بعد عام ، ثم – ظلال النشوة الهاربة – بعد عامين ،ثم – دوار الصدى – بعد ثلاثة أعوام ثم صدرت مجموعته المتميزة :
أحمر … أبيض وتلتها : العائد , مفازات , خطايا , في الزمن الراجع , في الضفة الأخرى . وفي فن الرواية أصدر ثلاث روايات هي :
المدار تقاسيم الحضور والغياب , أوقات برية .
وله كتب مقالات منها : حالات : شرق وغرب – موضوعات ومواقف , الثقافة والأدب .
وكان للشعر نصيب في موهبته , وغير خفي أن في أعماق كل إنسان عربي توقا ً أن يكون شاعراً , فكيف إذا كان أديباً ؟!
ومعظم شعره شعر حر مرسل وله ثلاث مجموعات منها : تضاريس على أفق شاحب , موال الأرق .
وبين يدي كتابه – قريباً من القلب – الصادر عام اثني عشر وألفين وهو كتابات رومانسية شفافة بسيطة في لغتها غنية بدلالاتها ومنها سأقتطف المختارات ومازال الصديق الأديب غسان كامل ونوس جاداً في متابعة مشروعه الأدبي الى جانب عمله الهندسي .
***
مختارات… قريبا ً من القلب
العدد:
15117
التاريخ:
الأربعاء, حزيران 20, 2018
-1-
مدي أطرافك أيتها الحضارة
الجهات لك والأعماق
الفضاءات مفتوحة
والكواكب عديدة
والأنجم كثيفة وبعيدة
أطلقي أنفاسك وقرون استشعارك
في أركان الكون
لكن الخوف من
ألا أستطيع استرجاعها سليمة
-2-
أي معنى لراحتك
والآخرون قلقون ؟!
أي معنى لأمانك
وسواك خائفون ؟!
أي معنى لرقادك
والساهرون كثر؟!
أيها العابر في هنيهة مسافات
أيها العالق من أحاسيسك
في آهات العالم
الراشح مع قطرات الغيم
إلى أعماق الأديم
الخارج كالشعاع من احتراق
الراعش من البرد
يحاصر العراة بالإكراه
والنشوة التي تجتاح العراة بالرغبة
العابث بما يروج له الكثيرون
الملتزم بما يقصر عنه الجبن
ويهفو إليه الحياء
وتستعذبه اللهفة
وتراوده الأقدار ؟.
غسان كامل ونوس
***
الفئة: ما كُتب عنه
بقلم: د. غسان لافي طعمة
الناشر: العروبة- العدد 15122
تاريخ النشر: 2018-06-20
رابط النص الأصلي: http://ouruba.alwehda.gov.sy/node/269803