الفئة: ما كُتب عنه
بقلم: فاتن دعبول
الناشر: صحيفة الثورة
تاريخ النشر: 2012-09-29

ثقافة
السبت 29-9-2012
فاتن دعبول
لابد أن يثير الأديب غسان كامل ونوس في مجموعته «قريباً من القلب» جدلاً حول الجنس الأدبي الذي ينتمي إليه، لأن القارىء سيجد نفسه أمام عمل لايبحث عن انتماء إلى شكل،
بل هو يتمرد على التعريف، وفي الآن نفسه يسعى أن يجد عمله مكاناً قريباً من القلب..‏

وقد احتفى مركز ثقافي «العدوي» بمجموعته بمشاركة الناقدين الدكتور نزار بني المرجة والدكتور عاطف بطرس، في قراءتين نقديتين لكتاب غسان ونوس «قريباً من القلب» يتناول الناقدان الجوانب الفنية والعاطفية والإنسانية في الكتاب المبني على مجموعة من الكتابات وتوقفا ملياًعند النواحي الشكلية والبنية التركيبية التي تكونت منها النصوص إضافة إلى خبرة الأديب الاجتماعية والحياتية التي تجلت في معظم كتابات المجموعة..‏

لا أريد للقارئ أن ينشغل بالشكل‏

وعن مجموعته يقول الأديب غسان ونوس، إنها تحتوي عدداً من النصوص دون تسمية جنس أدبي لها، بل تركت للقارئ أن يتلمس ذلك، ليس تهرباً، بل لأنني أرى أن النص هو الذي يفرض شكله ومضمونه على المتلقي، كماعلى الكاتب.‏

وأود أن ينشغل القارئ بما كتبت وليس بشكل الكتاب.. إنها تجربة أحبها، لأنها خلاصات مشاعر، تجارب، أفكار، وهي صدى لأحاسيس تجاه الحياة والكائنات الأخرى وعناصر الحياة التي تساعد هذه الكائنات أو تعيق حياتها بشكل تطمح أن تصل فيه إلى السعادة والمتعة، لكن النهايات تقف دائماً في طريق ذلك.‏

عندما أكتب تشغلني الحالة وليس الشكل، وهذه المجموعة تمثل إطاراً عاماً للحياة على اختلاف تفاصيلها وعناصرها وكائناتها، الحياة المعاشة بلحظاتها كافة، بحلوها ومرها، حاولت أن أرصد هذه اللحظات وأسجلها ثم أجمعها في كتاب واحد، ربما كانت تجمعها خيوط متقاربة وربما هي شبكة من التصورات والمفاهيم والرؤى الجديدة، رصدت فيها شيئاً ما، يمكن أن يكون قريباً من القلب، وقريباً أيضاً من العقل..‏

بوح إنساني‏

الدكتور عاطف بطرس‏

يتوقف عند إشكالية التجنيس وإلى أي جنس أدبي يمكن أن ينتمي هذا النتاج فالقارئ عندما يعرف النوع الأدبي للكتاب يهيىء أدواته لقراءة موضوعية لكن في هذه المجموعة، يقع القارئ في حيرة فالكتاب من حيث الموضوعات هو بوح إنساني يعكس تجربة شخصية حياتية للكاتب فيه من الحكمة،والنصائح وتقديم الخبرة.. وأيضاً منسوب مختلف من التفاؤل والتشاؤم، يقدمهاالأديب بقالب بسيط ممتع إلى حد ما.. من مثل:‏

حين تتشابه الأوقات‏

يضمحل العمر!‏

ويقول أيضاً:‏

ليس لي بعد..‏

الكثير من الوقت لأدور..‏

سأرتاح في مركز الدائرة‏

المتخمة بالدوار..‏

ويضيف:‏

كان يمكن للكاتب لو بذل جهداً أكبر في عملية الاختيار والتصنيف لكان أفضل، لكنه ينتقل من موضوع إلى آخر، فيما يشبه البوح، والبوح لايحتاج إلى تبويب.. لذا جاء الكتاب على شكل منمنمات الفاصل بينها فقط «التنجيم» وأميل إلى تسمية هذا الكتاب «خواطر نثرية» اعتمدت على التداعي من حيث التبويب، فهو ينتقل من تجربة شخصية إلى قضية وطنية إلى حكمة وموعظة، ضمن مقطعات صغيرة، يقدم من خلالها الكاتب تجربته وخبرته الحياتية..‏

تحمل..دهشة الشعر‏

ويجد د.نزار بني المرجة في هذه المجموعة ترجمات للحظات معاشة تنطوي على أحاسيس إنسانية صادقة تحمل في داخلها دهشة الشعر ومن يقرؤها دون أن يعرف الكاتب، ربما يعتقد أنها شعر مترجم ولكنها في حقيقة الأمر هي نصوص نثرية وومضات حقيقية للروح والنفس تجاه مواقف ولحظات غير عادية يمر بها المرء.. لفت إليها الأديب وتوقف عندها.. من مثل: رغم الغيوم والضباب‏

والمطر والصقيع‏

والرياح والغبار‏

لاتزال الشمس تضيء‏

وفي مكان آخر يقول:‏

قريباً من القلب بعيداً عن العين‏

قريباً.. وبعيداً مع الروح..‏

يحلق الطائر..‏

الذي كان في العش منذ حين..‏

إذاً هي نصوص مثل حالات إنسانية وضعنا ونوس من خلالها في أجواء تلك اللحظات النادرة التي تنم عن حميمية متفردة إزاء الآخر وإزاء الوقت والعالم ونمط الحياة الذي نعيشه اليوم وبات يسحق الروح..‏

اترك رداً