الفئة: ما كُتب عنه
بقلم: هفاف ميهوب
الناشر: جريدة الثورة
تاريخ النشر: 2008-05-22

ثقافة
الخميس 22/5/2008
هفاف ميهوب
هل تعمّد (غسان كامل ونوس) أن يتعب القارىء فقدم له قصصاً متعبة , أم أنه حين تعمّد بماء الكتابة, غلّف كنوزه جيداً, فلا ينالها قارىء عادي, ولأنه يحمل الكثير من الذكاء ويتطلب الكثير من المعاناة والصبر -وهما صفتان استسلم لهما عن طيب خاطر- بل متقصداً أن يتعب القارىء بعدما تعب هو في إنتاج نصوصه الإبداعية .فتوصل إلى قناعة مفادها: أن القارىء مقدر عليه وواجب أن يقاسم الكاتب شيئاً من تعبه وجهده..

بهذه الكلمات بدأت الندوة التي أقيمت مساء الثلاثاء13/5/2008 في المركز الثقافي بأبي رمانة . وهي بعنوان/قراءة في قصص الأديب/غسان ونوس/ مجموعة (في الزمن الراجع).‏‏

في الزمن االراجع, بحثت كقارىء مهتم عن شيء من الفرح فلم أجده , رأيت فيه نصوصاً منغلقة على الحزن… فالشخصيات في المجموعة معظمها مستسلم , سلبي ,منكسر -يفتقد القدرة على الفعل والحركة والتعبير ويظن أن هذا مقصود, فالكاتب ماهر في عملية السير بصبر والكشف بجرأة مثلما كان ماهراً بالتخفي دون أن يغيب عن عيون قراء قصصه الذين يفاجئهم بكم من الأسئلة مطالباً إياهم بالإجابة – وبالشراكة في العملية الإبداعية.‏‏

هذا ما رآه نصر محسن القاص الذي قدم الندوة وكان له مداخلة أولى, أماالمداخلة الثانية – كانت للدكتور(ماجد يحيى أبو ماضي) مدرس النقد الحديث في جامعة دمشق وبدأها بالحديث عن عدم وجود عمل أدبي على سوية واحدة نظراً للظروف التي يمر بها الكاتب خلال الكتابة .وهذا ما يعتبر طبيعياً في أي عمل.‏‏

وقد تناول في مداخلته النقدية ثلاث نقاط في المجموعة- زمانها ومكانها- حيث قام المولف بالتركيز على الزمان والمكان في معظم عناوين مجموعته(في اللجة -العزاء- الموعد-في الزمن الراجع)..‏‏

تناول أيضاً السرد في قصص المجموعة ووجده سهلاً بسيطاً, سلساً خارجاً عن التنميط والبلاغة فالصوت الذي أطلقه المؤلف واحد والشخصية واحدة. تعكس عدة أصوات وتتردد بأكثر من شخصية- إضافة إلى ذلك أشار إلى أسلوب الكاتب الذي يبدأ قصصه بالتساؤل والاستفسار وكأنه يثير فضول القارىء للتواصل معه إلى النهاية.‏‏

انظر هناك…هناك..! هؤلاء الناس, البشر, أعرفهم‏‏

م.م..ماذا هناك?!‏‏

ألا ترى ?1 انظر ..في الطريق!.. من قصة(الموعد)ص115‏‏

أما عن اللغة السردية فقال أن الكاتب استطاع تسخيرها لخدمة المعاني- وهذا ما يتطلبه فن القصة.. فاللغة رشيقة.. معبرة-شفيفة.وكان أجمل ما فيها قدرة الكاتب على إدخال القارىء إلى قلب السرد لأنها شاعرية , أحسن استخدامها لأنه شاعر.‏‏

»لم أكن صياداً, لم أدر دفة المغامرة صوب العمق, لم تفاجئني‏‏

التيارات الضارية, أوتهدهدني الأمواج على شفا النعاس التعب..‏‏

من قصة (في اللجة) ص69‏‏

أخيراً.. يقدم المؤلف الأديب (غسان ونوس) بمداخلته التي يعقب فيها على المداخلات السابقة فيقول: من غير المقبول شرح النص بعد طباعته. لأنه يصبح ملكاً للمتلقي ..وأن أسأل معناه أنني ما زلت حياً.. وإلا لا أعتقد أن في الحياة ما يستحق.‏‏

لطالما أنا مخلوق , عصي علي الإجابة.. أنا لا أكرر نفسي في كتاباتي ولا أتقصد إتعاب القارىء . فأنا أحترمه وأكتب له. ويسعدني أن يخبرني عما لم يعجبه قبل أن يحكي عمّا أعجبه.‏‏

(غسان كامل ونوس) أكد أنه يحترم النقد ويستمع إليه بجدية -تستفيد منه لكن عندما يصحح الفكرة ليس لأنه يفكر بالنقد. بل تصحح نفسها لاشعورياً.‏‏

هذا هو الأديب (غسان كامل ونوس) قرأناه في أكثر من مجموعة قصصية وأكثر من رواية إضافة إلى أنه شاعر, إنه المهندس المدني أيضاً الذي سئل كثيراً عن أثر مهنته في كتاباته وخياله الأدبي. فأجاب أن الموهبة ولدت معه والهندسة درسها- ربما أثرت في خياله الأدبي – لكن بطريقة تشبه حدائق الزهور التي تشرف الخبرة عليها فتحيلها إلى أروع مما هي عليه.. وبكل الأحوال في الأدب لاشيء مقصود, أومخطط له.‏‏

اترك رداً