اليد واللسان!
غسان كامل ونوس
منتشياً غافلاً، أو قلقاً مكتئباً.. أمضي إلى النهضة التالية؛
صاخباً معتركاً، أو منسدلاً مكتوماً..
متوتراً من أصداء أحداث قاطعة الحدود، دامية النتوءات.
قانطاً من صحوٍ كشّاف، متلبّساً بالخوف النافر كالحصبة، والوجع الكامن كأعراض مرض مزمن.
أرنو إلى اللمحة التوّاقة والومضة الخلّاقة، فيما النظرة الهائمة تدوّم في فضاء كامد!
العجاج ليس قدراً، ولا الغبار قضاء.
الكلام ليس أوامر، ولا الفعل فتوحات.
الانتظار ليس حلاً، ولا الجري مجدياً بلا تلويحة أو دليل!
السمع والبصر تعِبان، والفؤاد كلْمان.
الكَلِمُ ليس في مواضعه، ولا السراط مستقيم.
وهل ينفع التلميح في حمأة الضجيج؟!
وما قيمة الحلم أمام الظلم، والنّصح في مجرى الضلال؟!
وهل في الأوصال رحمة أو مغفرة؟!
ليس سهلاً تَرَقُّبُ أين سيلفظك الموج المجنون، ومتى.
ليس يسيراً أن تعاند الربانَ الدفّةُ، وتساومه الرياح..
ضاقت الأحياز، وتبلّدت العبارة.
غامت الرؤى، والعكر سلطان!
والمرج قصدُ الجراد، ومرتع الديدان.
وما زلتَ في الميدان غريب الوجه، واليد مشبوهة، واللسان أعرج..
ما خُلقتَ أكولاً، ولا ملولاً، ولا تجري وراء المسوّغاتِ حَرّاً أو قَرّاً، والأمنياتِ خبطَ عشواء؛ ولا الرغائبُ تغشى، والرؤى تنوس.
لا ترمِ الشراع؛ لا تستطيع أن ترميه!
ولا ترُمْ أقلّ من الجوزاء؛ لستَ أهلاً لغير ذلك، ولا حياة بين الحفر، رغم تكاثرها.
لا رأي لمن لا يقول؛ لا يستطيع أن يقول، ولا جريرة لمن يُدان على سماته، ولا رادّ لأحمق أو حاقد!
الحجّة لا اللّجّة، والانتثار لا النار، والبرهان لا الدّخان..
الوقت سيف يقطعني ويقطعك.
والجهل حدٌّ بلا جهات.
لا فخر بالعماء، وما أثار واستثار؛
ولا اعتزاز بغرّة محروقة، وجبهة في الرماد.
ولا إقناع بالسوط ولا بالرّجم، ولا بالفحيح والنواح؛ ولا للغو اعتراف أو إيمان!
ولا اقتناع من دون ضياء، والضوء ليس ملكاً لمخلوق!
ليس كلّ شيء قابلاً للاحتراق أو الاختراق.
الحواس شواهد موثوقة، والأطراف مِجَسّاتٌ مُؤتمَرة،
والإحساس لا يوقَدُ، ولا يُستورد؛
ولا راصد للشعور، ولا مصدّ ولا حدود.
المخلب لا يصلح للحكّ، ولا الفكّ يضاحك، أو السِّنانُ يخيط.
السفح ليس مفرَشاً، والمجرى من علامات الجريان.
وليس الجرح نافذة للنسيان؛
وللنسيان عمر؛
والعمر ليس بلا حسبان!!
***