الطريق..
ما تزال محفوفة بالخراب والعيون والنكران..
والمحطات هياكل لا تملّ الريحَ والأَمَّ والفقدان..
والجهات مبثوثة في الخطا،
والخطا بلا آذان.
الطريق ما تزال عالقة من أطرافها،
والمسامير في جذوعها تمسك الأبدان عن خوائها،
وتفقأ الأرواح في ولوعها..
والعثرات معروقة، والعشب مزدحم على التخوم..
والملامح غائرة في الأديم المقيم..
والنواقل بلا وقود ولا قلادات،
والطريق بلا إشارات..
لكن الطريق ما تزال!
*
عَرَجَ النهر في الوادي غير ذي الزرع،
والروائح مظلمة
والضفاف مكدودة
تضايقت القيعان الغاصة بالبقايا والنوايا والحكايا
تململت الأعماق المحمومة
توترت المسام والثغور
صوّتت الدّلاء المركونة بلا حبال
تدلّت الحبال بلا أطراف
لوّحت الأطراف بلا أجساد
اهتزّت الأجساد بلا رؤوس
تعالت الرؤوس
ارتسمت العناصر
تلفّتت الشفاه
تصادت السفوح
تنفّس الوقت
استفاق العطر
تناهض النهر
في الوادي ذي الزرع
*
تفلّتت مراوح الوقت
تنابذت التخوم بالسهوم
تثاءبت الأمداء
وتناومت الآفاق فوق ذرا التضاريس الموات
تعفّنت الثقوب التي ابتردت سوائلها
تخمّرت عناصرها المكبوتة
تحسّست كائنات مكورة ومتباعدة الأهداب
انهمّت وقلقت
وتحفّزت
تعثّرت بالركام المتكوّم
احتكّت بالحواف الحادة والزلقة
توثّبت شرارة
واتّقدت أسمال الوقت
تعالى مؤذّن أعمى
تهادت الخطا
وانفلتت الطريق..!
***
الفئة: زاوية
بقلم: غسان كامل ونوس
الناشر: الأسبوع الأدبي-ليس آخراً
تاريخ النشر: غير محدد