الفئة: شعر
بقلم: غسان كامل ونوس
الناشر: الأسبوع الأدبي ع 1376
تاريخ النشر: 2014-01-19

ما بالُ الصّحوِ
يُباغتُ هذا الفجرَ
الماطر؟!
كنتُ عقدتُ العزمَ
على إرجاءِ الهمّ/ مقيمٌ
فانفتحتْ
في الأفقِ المسودِّ
كُوى
كنتُ طويتُ الحلمَ
ووسّدتُ الظّمأَ المكتومَ-
نويتُ
بأنْ أَمضي
في زهدِ سُباتٍ أطولَ
منْ عمرِ شقيّ

أيقظني سُعالٌ
وسُعارٌ في الأوصالِ/ملبّدةٌ
من لومِ تقيّ
لمْ أبرحْ رُكني
منذُ الذّنبِ الأعظمْ
لمْ أقتلْ
أو أزنِ
أو أَرجمْ
أو أكذبْ
أو.. أحيَ!
لمْ أُلقِ وجهاً أكرمْ
لمْ أنسَ فيضاً أنعمْ
لمْ أقوَ على
ردِّ الدّعواتِ
ولمْ أرضَ بما أُهمِلتُ
وما أُنهيتُ،
وما أُعطيتُ إذا قَسّمْ
لا العقلُ ينامُ،
ولا الرّؤيا تسهو
والعينُ ترفُّ مغافلةً
والوعيُ تبسّمْ
ما كانَ يعود
ما طاف على الأوتار
وتراقصَ في شفةٍ
ضيّعتِ المزمار
ما حامَ على قلقِ المجدافِ
الراعفِ
في موجٍ أظلمْ
ما دسَّ الرغبةَ
في أرقٍ أبكمْ
ما حزَّ على الأعصابِ
المزمنةِ الشكوى
ما رطّبَ حنجرةَ
النّجوى
في اليمِّ السّاري
ما ألقى الوعدَ المنذورَ
وخابيةَ نبيذ..
ما كان يكون
فتهيّأْ لرحيقٍ
يسرقُ منكَ رُواءَ الأزهار
وتهيّأْ
لنعيمٍ يغويكَ
فتعدو فوق الحدِّ المُصْلَى
وتهيّأْ للجبِّ الأعمقِ
والطّيفِ الأعلى
وتهيّأ
لشراعٍ قُدَّ، يُقَدُّ
وساريةٍ
أو مهماز
وتهيّأْ للذّنبِ الأعظمْ
*
ما للوقتِ يقضّ المضجعَ
والدنيا رقاد
ما للنّبضِ تحرّكَ
في الجدثِ المُلقى
من زمنٍ
في المجرى الضّحلِ
ولا يَفنى؟!
وشعاعٌ من نزَقٍ
روّعَ قافلةَ الأموات
بلا إكرامِ الدّفنِ
ولا صلوات
منْ يدفنُ منْ؟!
وإمامُ النّهيِ
تخلّى عنْ ورعٍ
وتجرّأَ أن يَلهو بين الأشلاءْ
تجّارُ الرّمقِ الآخِر
“شالوا”
فالرّكنُ الآخَرُ أدسمْ
ما حسبوا أنّ حياةً
ما زالتْ
أو أنّ حياةً أخرى قد تصحو
تجّارُ الآخرةِ
بلا ميعادٍ يأتون..
كأنّ سعارَ الدّمِّ المحمومِ
نداء
أو أنّ اللهفةَ آثمةٌ
والرّوحَ هجاء
تجّارُ الرّوحِ
بلا روحٍ.. يأتون
بلا روعٍ يمضون
ولا يمضون
والصّحوُ تجاسرَ
في زمنِ الشرِّ المبرمْ
مولودٌ من ماتَ ككلِّ النّاس
مفقودٌ من جاهرَ بالهمسِ
وغافلهُ وسواسُ الهجسِ
وراودهُ الخطوُ المجنون
القاتلُ مصلوبٌ
في الجفنِ الذاهلِ
شيطانٌ في الجيبِ الفارغِ
في باطنةِ الجبّةِ
أو عفنِ المحراب
القاتلُ منذورٌ للرّحمِ الخصبِ
وللنّسغِ الملهوفِ-
القاتلُ يتحامى بالضجّةِ
يتمادى في صخبِ اللّجّةِ
يسري في ضجرِ المجدافِ
وفي حبلِ المرساة-
القاتلُ في الإصبع جامدةً
والنزوةِ حاقدةً
والنّهمِ الأعمى
القاتل فوّهة وظلالٌ
وسوائلُ تشقى
وكلامٌ في الممنوعِ
وفي المرغوبِ
وفي المكتوبِ وفي المكتومِ
وفي الذاكرة الأولى
والآخرةِ العظمى
والصبحُ تعرّى
من خوفٍ
وتملّى من رعشٍ أبقى
الظلمةُ أشقى
والقاتلُ لا يملك أكثرَ
من قتلٍ يتحلّلُ
أو حدٍّ يتثلّمْ
والرّوحُ
بعيداً عن كيدِ القاتلِ
تأبى أن تتظلّمْ
القاتلُ لا يملكُ
أكثرَ من عمرٍ
يتشرذم
والرّوحُ بلا قيدٍ
أو أوقاتٍ تسمو
في الكونِ الأعظمْ
***

اترك رداً