كلمة العدد
الصوت المسموع!
م غسان كامل ونوس
الأمر لا يتعلق بالإحساس، فهو موجود، ولا بالإمكانية فهي متوافرة، ولا يتعلق بالمعاناة، فلا شك في وجودها؛ إذ لا يكاد يخلو عمل من منغصات؛ فكيف هي الحال إذا ما كان الموضوع ما يقوم به المهندسون من مهام، وما يتحملونه من مسؤوليات، في مختلف الميادين والحقول، وعلى مختلف الأصعدة؛ أنجزوا وينجزون، ومنجزاتهم شواهد وعلامات أنّى تنظر أو تتحرك؛ أخطؤوا، ويتعثرون، وهذا طبيعي في ظل اتساع الجبهات، وتعاظم التحديات، وازدياد المتطلبات، وتسارع الخطو، وتطور العلوم والعناصر والأدوات؛ وتنالهم التّهم المعلنة والمبطّنة، وتصوّب سهام التشكيك إليهم، ولا تكاد تسمع لهم صوت مقوّم أو مدافع. ربما كانوا يجيدون الفعل أكثر من القول، ولكننا نحتاج إلى الكلام أيضاً، لشرح ما نقوم به، والتعبير عن إحساسنا بالمسؤولية، وتأكيد الحضور والفعالية، وإظهار حجم المهمات الملقاة على عاتقنا. ولا يخفى دور الإعلام والإعلان في هذا الزمن. وليس مطلوباً أن يتحول الجميع إلى قوالين؛ وكثيرون منهم منشغلون مهمومون بعيدون؛ هذا الانشغال وذلك الانهمام موضوعان للكتابة أيضاً؛ ولم يبقَ معنى للبعد مع تطور وسائل الاتصال والتواصل هذه الأيام! وليس المقصود المفاخرة والاعتزاز بما أنجز، وهذا حقّ لنا، ولا تسويغ الإهمال والعثرات، ولا المنّة على أحد؛ ولكن من المفيد والضروري عرض الوقائع والامتدادات، وذكر المشروعات، وشرح الإسهامات الهندسية في ورشة الإنتاج الوطني المتنامية.. ولا يكفي أن يتم ذلك في المناسبات واللقاءات الرسمية والاجتماعات الداخلية..
ولا يتوقف الأمر عند هذا..
فهل لنا صوت مسموع حتى فيما يخص أعمالنا وعلاقاتنا وموضوعاتنا؟! هل نقول شكراً من القلب لمن يبدع ويضحّي ويبادر؟! هل نحتفي بالمجدّين المبرّزين من المهندسين بما يحفّز الآخرين، ويشجع المترددين؟! هل نتحدث بجرأة عن مشكلاتنا، ونظهر عدم رضانا، وننتقد ونعاتب، ونشرع آهاتنا، أم (نتركها في القلب تجرح، لكي لا تخرج فتفضح)؟! وما هو عدد الذين يتحدثون حتى في المؤتمرات والندوات؟! ألا نتذمر منهم على قلّتهم؟! ألا نتحدث سراً بما هو أكثر من ذلك وأخطر وأمرّ؟!
دعونا نتذكر الأقلام الهندسية والأصوات الهندسية عبر وسائل الإعلام المختلفة؛ هل نشعر بالرضا عن ذلك؟! وهل يعبّر بصدق وواقعية عن أهمية هذه الشريحة الأساسية وعددها وتوزّعها ومهماتها وإبداعاتها وإمكانياتها؟!
وهل ما ينشر من مقالات ودراسات وأبحاث علمية أو اختصاصية وافرة أو كافية؟!
أين الحيوية والمشاركة الحقيقية التي تعبر عن موقف أو رأي أو شعور أو زفرة؟!
المسؤولية علينا جميعاً؛ أن نملأ الحيّز المتاح، ونسعى إلى المزيد، ونرقى إلى المطلوب!
***
الفئة: نصوص هندسية
الجنس الأدبي: مقال
بقلم: غسان كامل ونوس
الناشر: مجلة المهندس العربي
تاريخ النشر: غير محدد