الفئة: ما كُتب عنه
بقلم: . عمار النعمة
الناشر: جريدة الثورة
تاريخ النشر: 2013-09-25

«عذراً سورية» كتاب جديد للأديب غسان ونوس صدر حديثاً عن دار شرق وغرب, متضمناً مجموعة من المقالات والخواطر الوجدانية نذكر منها :(الجرح الجرح – مسؤوليتنا – وهو يعلم – حوار – من المواجع الثقافية – السكوت المثقف – الشعب المثقف – الأوفياء ..الخ)

يتوجه المؤلف من خلال كتابه إلى القراء واضعاً بين أيديهم قضية الوطن، مستصرخاً ضمائرهم أن يتفقوا على الوطن، من دون أن يتجاهل ضرورة الاختلاف، الذي يرى أنه ظاهرة صحية في المجتمعات الناهضة, مشيراً إلى أن الكتاب شهادة حية على رؤية عميقة شاملة للواقع الصعب الذي يعيشه الشعب السوري يمثل وثيقة مرجعية تؤرخ ثقافياً لهذا المفصل الحرج في حياة وطنه، ويصور أدبياً آلام كاتب يستشعر هول الأخطار التي يواجهها شعبه ببطولة وقدرة على التحمل نادرة.‏

وجاء على الغلاف بقلم الناشر: ليس ثمة أصعب على الأديب من الكتابة عندما يكون مجتمعه منقسماً, فالأديب يكتب للجميع, ولئلا يُفهم خطأ قد يؤثر الصمت, لكن هذا الصمت قد يكون قاتلاً عندما يكون الوطن في خطر.‏

الأديب غسان كامل ونوس، رأى هذا الخطر ماثلاً مبكراً، وأخذ ينبه بكل ما أوتي من بيان وحجة إلى الخطر المحدق، ويدعو إلى الوحدة الوطنية لمواجهته مدركاً أنها الشرط الأساس لإلحاق الهزيمة بالعدو الذي يتربص بالوطن.‏

ويشير المؤلف في بداية كتابه أنه منذ بداية التحركات, كان جلياً أن المجرم يتربّص, يحرض, يسدّد, يضلّل, يغطي أفعاله بالشعارات المحببة والكلمات المسيلة للعاب, فيما اللسان يخون, والخنجر مسموم, والطلقة نافذة, والطبخة الشريرة تنضج, وقودها البشر وموداها, وبخارها واحد: آهات وولولات وحسرات ودعوات وابتهالات.‏

الأمر كان واضحاً منذ البداية لكل ذي بصيرة, يريد الخير لهذا البلد الصامد, ويرغب حقاً بالإصلاح, والتنمية والعدل والأمان .‏

الأمر كان واضحاً.. فمن يقتلع حجر رصيف لايبتغي بناء وطن, ومن يرمي سيارة إسعاف بمقذوف, لا يمكن أن يتمنى الشفاء أو الحياة لأحد, ومن يخادع الرأي العام, ويدعي غير ما يعرف, ويصف ما ليس في الواقع, ويرفض السبل التي فيها أمن الوطن وسلامة مواطنيه وأرضه, وأهمها اللقاء والحوار ويتمسّح بأعتاب الخارج, ويتقاوى بالأجنبي وغاياته لايمكن أن يكون صاحب مشروع وطني, أو رسالة انسانية.‏

ولكن … الشعب هو الشعب, والصمود هو الصمود, الصبر والمصابرة والتحمل, والقدرة على المواجهة أشهراً وسنوات…‏

الشعب هو الشعب المصمم على الحياة, الوفي المكافح, من بنى وأنتج وتعلم وتسلح بالعزة والكبرياء…‏

الشعب بلوحته المتواشجة, وأطيافه الملونة وشرائحه المتنوعة, وقيادته التي تمثّلت تطلعاته وآماله ومساراته… لن تزيده هذه الهجمة الدموية الوحشية الأخرى, حتى لو لم تكن الأخيرة, إلا قوة ولحمة وإصراراً على الحياة بشرف وعزة في وطن حر مقاوم مصان .‏

ومن عنوان (مسؤوليتنا) يقول ونوس: الألم جليل والنزف مجلّل بالأسى والحرقة، والفقد مرّ.. لأن ذلك في غير مكانه، وخارج الإطار المفترض والمواجهة ظالمة مظلومة.‏

لاشك أن المؤامرة كبيرة وواقعية وجلية, وتستهدف سورية الوطن, الأرض والشعب والكرامة, الدولة والمؤسسات والمنجزات والإصلاحات, التاريخ والحاضر والمستقبل, الموقف المبدئي الحرّ المستقل المقاوم الرافض للاستسلام والتنازل عن الحقوق, الدور الفعال, والحضور المشرّف على الساحة الإقليمية, وفي المجتمع الدولي.‏

وللمؤامرة مدبروها وممولوها ومسوقوها وعناصرها وأدواتها في الخارج والداخل وهناك استقلال للحاجات والمشاعر والنوازع وتجييش إعلامي وسياسي عربي ودولي.‏

ويتساءل المؤلف ما الذي يجب أن يجري؟!‏

نعم يجب أن نتغير, نراجع طريقة عيشنا, مهماتنا وواجباتنا ومبادراتنا, علاقاتنا وعواطفنا, مفرداتنا وأحاديثنا, اهتماماتنا وانشغالاتنا..‏

القضية كبيرة والمسؤولية أكبر, والشروخ عديدة وعميقة, والترميم واجب ومحتوم وملّح, من دون انتظار أو تلكؤ أو تأجيل.‏

وفي عنوان آخر يؤكد المؤلف أن الدم السوري ذكي وعزيز والشعب السوري يسعى بجد وحماسة وحميمة كي لا تهدر قطرة واحدة من هذا الدم الغالي بلا مناسبة هي الأنبل أو غاية ، هي الأجل والأسمى!!‏

نعم.. الدم السوري عزيز، والإحساس السوري ثمين، والوجع الوطني نبيل والسمعة غالية، والمفرزات مقلقة والواقع مر، والوقائع أمر .‏

في الختام نقول: الأديب غسان ونوس بضميره الحي وأسلوبه الخاص والجميل تمكّن من غرس حروفه فينا, فثمة لغة بليغة .. ونفس أدبي عتيق وعميق .. سيبقيان في وجداننا كالشهاب التي تعود إلينا بلمعان أقوى وأبهى لتبشر بالأجمل ولتؤكد على أن الجراح وعلى الرغم من عمقها ستُشفى ولو طال الألم .‏

اترك رداً