ما قرأته يوماً ما عن رسالة الألوان للفارابي؛ أنه حدّد من خلالها طبيعة عالمه الذي يعيش فيه بمزاج مرجعيته اللهفة والصبر الواسع, والذاكرة المتجددة؛ فخص الموسيقا بالحاجة إلى الهدوء، لتؤدي دورها الإنساني, وربطها بالمشاهد المحركة له، تلك التي يعكسها الواقع، وقد امتص الفراغ الآخر ذلك الإحساس القابع في النفوس.
وحين وقف على الألوان بحس جمالي، ميّز بينها, واختار الأبيض منها؛ كونه أكثر سطوعاً من بقية الألوان.
وفي نظرة أطلق فيها سهامه نحو الطرق المتقاطعة فوق السطوح, وقد أخبرته الاستهلالات أنّ الضوء سوف يطلع من دياجير الظلام, وينبثق من تضاعيف العتمة.. أجل؛ هذه كانت مهمة اللون الأبيض في رسم المسار الابداعي لعالم قادم، رغم الإخفاقات والانكسارات التي تظللها الألوان الأخرى، وترمي بها المشروع الجمالي الطافح بالبشرى في رسالة الفاربي، التي حملت عنوان (دفتره الصغير).
بعد هذا التمهيد المختلف… قد يقول قائل: وما وجه الشبه بين مجموعة (بقايا ندم) للأديب غسان كامل ونوس، وبين رسالة الألوان للفاربي؟!
أقول في الجواب على هذا: إنّ المجموعة التي حملت اثني عشر عنواناً، كانت في تجربة السرد الخصبة، ذات بنية فنية, تشبه في تراكم أصواتها, وأوجاع الشخصيات التي تقود الأحداث، بما فيها الضمائر المتكلمة، رسالة الألوان في البحث عن الاستقرار، الذي مزقته الضغوط الطارئة على المجتمعات، ومنها المجتمع الريفي، عبر هذا التوليف المشجع على الخراب، من قِبَلِ صنّاع الظروف، التي تخدم مصالح أصحابها في هذا العالم المأزوم.
-1-
لقد ضربت الشيخوخة اللون الأبيض في طقوس باردة ومظلمة، لم تكن مألوفة من قَبْل، وقد جعل منها غسان معادلاً موضوعياً لمعجمه الخاص؛ فجاءت لغة القص داخل مركبات سردية مصدرها الخيال، وغلب عليها الأسلوب البرهاني بنمذجة فنية، خضعت للأدلة في سياق النصوص, من خلال أدوات الربط بين الجمل الاسمية والفعلية، وحملت كل الأفكار التي ترفض التسويغات الواقعة بأوهام الخطاب الإصلاحي للمجتمع، الذي يدعيه أصحاب الشأن في هذا الجانب, وكأنه يقول لهم: عليكم أن تهجروا هذه الجزر التي عزلتكم عن الآخرين من أبناء الوطن، وقد تسبّبت بالهزات الطارئة, وأحدثت زلزالاتها أمكنة أخرى، يجيئ من خلالها ثعابين البحار، وتتغاوى فيها أفاعي الحقول.
لقد انكسرت القيم حتى في حياة الريفيين الذين تربو عليها, وكانوا معها يتسامرون على العشب تحت ظلال العيش المشترك.
لقد حاك المتآمرون على بلادنا هذه الوقائع، التي يصعد معها دخان الموت في زمن، قلّ فيه المنصفون.
وبإيقاع نفسي عمادُه المؤثّرات التي تقاطرت من خلالها الهموم عند المؤلف، فانتقلت من طابعها الشخصي إلى ما هو أكثر اتساعاً، برؤية تخللتها عملية ترحيل المجازات في تشكيلها البلاغي لعمليتي الضوء والرؤيا معاً، وكأنه يريد مع قفزاته التخيلية استنثال عالم جديد بلباس أخلاقي، تساهم في عودته ثقافة العبور إلى الفضاءات الحضارية الكونية, وقد انكسرت معها كل الحواجز الأخرى، التي تقف في وجه قطار الزمن الآخر، الذي يستعيد فيه الناس أمنهم، ذاك الذي ما زال ظله قابعاً في مخزون الذاكرة بأطياف هادئة وملونة؛ ولكن.. ما أصعب القرار!
-2-
في القصة الأولى “وردة آخر الوقت”، ثمة رسوم تشكيلية برؤية جمالية على صعيدي المبنى والمعنى الذي نقله الحوار الهادئ بين المؤلف وأنثاه، ومعهما بعض الأتربة, التي تندرج في عمقها آلهة الورد بعباءاته الطفولية, التي تضمن لها الديمومة، وتظل قادرة على طرح الأسئلة الجمالية المرافقة لوجودها.
ويتحول النص الحكائي، من خلال معاشرة الوردة، إلى فضاء آخر، وقد رمز به لوقت جديد، قد يرجع معه صفو العيش، وتنتصر لذة الإبداع… وعكس الحوار في ترتيب وصفي محمّل على الرشاقة تعبيراً عن صورة لعالمين متناقضين؛ أولهما: عالم الوردة بلونها المخملي المعلق على الأرض الريفية العطشى للكلام… وقد أثار فيه دفء الحنين إلى الماضي كل الأسئلة أيضاً؛ أما العالم الثاني، فهو المشكوك في غرابته إذا ما حصل التغيير على الرغم من الحاجة إليه.
من هنا جاءت نهاية القصة، تحمل درساً في الصبر, ولا سيّما في حدود تراسل حواس غسان مع طرقها الوعرة هنا وهناك.
ولهذا ختمها بنصف بيت من الشعر، الذي كان قد ردّده قبله شاعر، يعيش أزمة الفقد لمن يحبهم في مجتمعه.
وعبر علاقة اشتغل فيها على تصور عام للخلاص من همّ جلبه ذلك النحاس الأحمر، وتلك القنابل من صنع يدوي، في ضرب قيم الجمال الذي كرّسته الوردة، التي كانت رمزاً لحياة وادعة واستقرار دائم.
-3-
يقول في الصفحة :12 أهمس الآن لوردتنا, وأعترف بصعوبة ذلك, وأحاول تخفيفاً عن الولدين, ولكن من يخفف عني سوى (كثرة الباكين على إخوانهم).
بهذا المشهد شبه الدرامي، وقد أكمل فيه الراوي سيرة الوردة بتصوير سيميائي ونوعي، وقد جمع كلّ الأطراف المتصارعة على البقاء، ودارت عبرها الاعترافات بين الحلم والصورة, ولكن فوق سرير ضيق، لم يبعد عنه كثيراً في أثناء الحوار ولداه الاثنان، ولكن باستمتاع مهذب.
حيث انتصر البعد الفني للحكاية من خلال سلطة العنوان الرمزي “وردة آخر الوقت”.. ولكن في البناء التخيلي التصويري لحياة مختلفة.
-4-
في قصة “وجدتها”…
لم يكن من خيار أمام الراوي غسان، إلّا أن يكون واحداً ممن جنبتهم مهنتهم الإنسانية الغرق في المهاوي حفاظاً على مصطلحه الشخصي، الذي رتب فيه حياته الخاصة داخل بيئة، تربى فيها، وجعلت زمنه الفيزيائي والنفسي حاملاً لغته الثائرة عبر ومضاتها فوق سكته الابداعية، ليهزم كل سلوك مغاير لطبعه الإنساني وقيمه الأخلاقية، التي ينحاز فيها إلى الأماكن الشعبية وقاطنيها، وقد تقاسم مع الفقراء لقمة عيشهم في وحدة عاطفية ومشاركة وجدانية صادقة…
وفي ظل التحول المخيف الذي أنجبته العولمة بأنواعها، ولاسيما الثقافية منها، وقد أثارت سخطه وقلقه، كفنان يعيش تأثيرها السلبي، رغماً عنه؛ فمال إلى اختيار عنوان (وجدتها) ولكن بلغز دلالي، وجدل خيّم فيه الأفق على قضايا إنسانية حياتية، وحتى معنوية، وقف فيها على أدقّ التفاصيل اليومية من دون أن يكون انطباعياً في استخدام (الضمير..ها) للفعل وجدتــــ ها… وقد حمله؛ أي العنوان، رموزاً عدة في أنساق تعبيرية، شكّل منها عالمه الحكائي, ليعبّر منه إلى زمن آخر غير زمانه الذي يعيش فيه، وقد انكسرت أمامه حتى الحجارة الرملية.
ولم يعد يصدّق أنّ ما يجري قبالته هو هذا التفكيك للعلاقات اليومية بين الناس، الذي صار يستخف بهم وعاؤه الفني، من جراء ما يفعلون؛ إذ إنه فقد الثقة بشغف الأصابع لتحريك القلم في كتابة نسخة جديدة، تتغير من خلالها الأشياء؛ لأنّ كلّ ما في المجتمع قد شهد طعنة بدلت قيمه ونظرته إلى الحياة، حتى صار الآباء يشككون بقدرة أبنائهم على تحقيق ما يطمحون إليه في بناء مستقبل، يجلب لهم السعادة.
حتى الأمهات شاركن الآباء في هذه الرؤيا المشتركة، التي تعثرت فيها أحلامهن أيضاً. -5-
يقول (ص 28):
}لم أكن لأصدق أن الموت هو أهون ربما من سواه, تقول أمّ: آه لو لم يعد ابني حقاً، لو لم أره على هذه الهيئة، بعد أن عجزت كل الخبرات عن إعادة إحدى فتحاته إلى حالة مقبولة{.
}وقال أب: لو أنها ماتت, بدل أن تعود بلا علامات أثنى{
ويبقى السؤال معلقاً على الحالة، التي وجد فيها الراوي أشياءه أخيراً..
هل إنه انتصر على أصحاب النزعات الهدامة, التي جعلت حتى الآباء والأمهات ينفرون من رؤية أبنائهم، وهم يمشون حفاة, عراة, في ظل هذه الاستراتجية التربوية التي خلفتها العولمة؟!.. وضاع معها المسار الإنساني, فوق طرق جماعية، بعد أن كان ملكاً عاماً في الضمائر الشعبية؛ حيث غزت الانقلابات المفاجئة تربوياً على المستوى الزمني والمكاني كل شيء، بما في ذلك اغتيال كلّ العقول، وانشغل الكثيرون بهذه السلسلة التي صنعتها العجائب، التي كادت تقسم ظهور المهتمين بقضايا مجتمعاتهم، والحفاظ على المعاني، التي تنقذ الجميع من الأخطار المحيطة بهم، وقد أدركوا أهمية الخواص السحرية للقيم النبيلة كضرورة لاستمرار الحياة..
أعتقد أن حكاية (وجدتها) ستبقى في دائرة الخيال الشعبي محمولة على لغز خاص بالراوي، وكأنها رسالة تحذير من أخطار العولمة الثقافية بكل معاييرها..
وقد كان المحصول النهائي أنه هجر همه الشخصي إزاء ما يجري، ولكن بصورة مؤقتة، يرتاح معها فنياً من أوجاع، لا سبيل إلى علاجها في وقته الراهن على الأقل…
-6-
أما في حكاية “بلا معنى”؛ فقد كان المقام السردي فيها معلقاً على البيئة، التي يتسابق فيها الاحتواء التاريخي للمكان عبر ما يسمى (بالمنولوج الداخلي) في حركة القص, وقد ظهر مع تيار الوعي، فرصة أخرى لالتقاط المشهد بثنائيتي الخطوط والظلال المرتبطة في إنتاج الصورة، وتكون (الضيعة) هي المكان الذي اعتاد فيه أهلها على شخصية البائع الجوال (بو توفيق)، وقد أطلق العنان للسلال الحاملة (للعنب الذي يستبدل به حب الزيتون, أو الجوز الذي يتبادل مع معايير من الزيت).
لقد رقدت صورة (بوتوفيق) في الذاكرة، وكأنها وجدت لتأخذ حراكها الشعبي نتيجة الحاجة إلى سوقه الشعبي المحمول على ظهر الحمار. وعلى الرغم من الاختلافات بين رجال القرية ونسائها على دوره المطلوب في عمليتي البيع والشراء؛ إلّا أن المؤلف أوقفنا عند ملامح الشخصية العادية الملائمة من خلال الاسم أولاً؛ حيث إنّ الريفيين يلفظون كلمة (بو) بدلاً من أبي أو أبو، حتى إن معظم النحاة مختلفون فيما بينهم على هذه القضية في ترتيباتها الإعرابية.
وهو، لا شك، أراد أن يطلعنا على مواقف حسية في لغة المخيلة، ليشكل منها بعداً نقدياً، يتعلق بخصوص الشخصية التي اختارها لإدارة –الحدث- وفي هذا نوع من المهارة، ذو علاقة مهمة في استحضار الرموز الخاصة بالتراث الريفي، الذي نحنّ إليه، حتى لو سكنّا دهراً في المدن البعيدة.
والأمر الآخر الذي أراد أن ينقلنا إليه الراوي أيضاً، هو أنه المكان عينه وهو (الضيعة)، وقد صار موئلاً لتهديم علاقاته المتلازمة في الوجدان الشعبي، من خلال الإهمال الذي أصابه؛ حيث تفككت رابطة الانفعالات إزاءه, بسلوك معاكس، أظهرته حركية الرموز والعناصر الطارئة على جذوره… ص 74.
-7-
((الأصوات ذاتها, والأشخاص أنفسهم, ومعهم آخرون أكثر يفاعة, فتحوا الشارع، وتسابقوا فيه لمرافقة سيارات المسؤولين، الذين قصوا الشريط الحريري، تلك التي رابطت غير بعيد مع الكثيرات غيرها، من دون وتد وشدّ، على الرغم من أنّ رفستها قاتلة)).
إنّ الطبيعة المحيطة بالمؤلف قد تبدلت أعلامها، وأشاع هذا التبدل إحساساً آخر، فقد فيه المكان فتنته الأولى على صعيد الأشياء كلها؛ فهل كان سكانه راضين عما تحمله التغيرات، وقد يكون بين من شاركوا في قص الشريط الحريري إيذاناً بالفعل المعاكس لعملية التشويه الحاصلة بقصد أو من دون قصد، تعني ذلك الفعل، لكن الحقيقة في رأي المؤلف هي: ((أن ما كانوا متحمسين من أجله، ويتنكرون الآن له، أم أن العلة فيما يقولون ويهتفون؟!)).
لقد أدى الانتقال بالمكان من وجه إلى وجه آخر، تعددت فيه الصيغ والمشاهد، حتى سمع الناس فيما بعد –بمقولة (جهاد النكاح)، وأنّ الجهاديين تنتظرهم الحوريات في الجنة!!!.
ومع هذه التوترات النفسية العميقة على الصعيد السردي بخصوصية المكان، ما يوحي بأن الحياة في مستوى أهلها الفكري والنفسي قد صارت بلا معنى, وفقدت الأمكنة التي ما تزال تتعرض إلى هذه الرقدة الساخنة قتلاً وذبحاً وتشريداً بكل ثوابتها، من خلال دور الشخصية المركزية، وردود الأفعال نحوها، ولهذا كان (عبدالله) الشخصية الثانية واحداً من الذين أصابهم الأذى؛ لأنّ (الركام والنفايات) قد منعته من أن يسير وراء عربته في الحارات, ولم يعد يجد من يسعفه في حياته حتى أحفاده.
((فيهز رأسه وقد يلطم براحتيه جبينه وخده))
-8-
إن أبرز ما يميز علاقات الشخصيات في مجموعة “بقايا ندم”، هو أنها كانت تتركز حول قضية أساسية؛ هي: العلاقة مع المكان والزمان، اللذين تجري فيهما الأحداث، وما تجدر الإشارة إليه، أنها كانت قليلة العدد، وهذا هو سر نجاح المعطى الحكائي فيها؛ حيث إنّ الراوي غسان كان قابضاً على حركة السرد الحديث، وموظفاً مظاهره المختلفة كالضمائر والمونولوج وتيار الوعي، وهذه العناصر جعلت منه واحداً من الكتاب المهمّين في البناء القصصي والروائي معاً، وقد أشرنا إلى هذا في الحديث عن القصص، التي اشتغل فيها على النسق الحكائي المتماسك في عملية البناء للحدث بمعطيات جادة، عبّر فيها عن علامات فارقة تخصه.. ولا أعني بهذا مديحاً, وإنما هو حقّ يملكه وحده.
وحين يتأمل القارئ في جدلياته؛ من حيث المركز الأساسي الذي يتواصل فيه مع سردياته، يتأكد أنّ هذا القول صحيح.
في قصة (بقايا ندم)، وهي الأخيرة في المجموعة، والمشغولة باجتهاد صنّف فيه منزلة الحدث عبر تكثيفه في أثناء الحوار بين الشخصيات، بما يوحي بهيمنة العالم الداخلي على العالم الخارجي في سلوك تلك الشخصيات؛ إذ إنّ الرجل يريد مزيداً من الأولاد بدافع الحاجة إليهم لحماية الوطن، الذي عصفت به الأقدار، فأوقعت سكانه أمام الحاجة إلى درء الأخطار، ومحاولة تحطيم الحدود الجغرافية فوق ساكنيه.
وبرؤية حداثوية، نأى فيها عن الوقوع في أسر المحاكاة والتقليد، معتمداً على العلاقات الخاطفة، فيما يتعلق بمسألة تحديد النسل، التي ترغب المرأة باعتمادها لأسباب العوز والفقر اللذين يصيبان المجتمعات، وتغيب معهما ملامح السعادة.
-9-
فركز على الدور الفردي في بنائه التربوي بمحبة الوطن، من خلال تأثير شرقي, ومراقبة سلوك الابناء في تواصلهم مع آلة القوة والشجاعة كقيمة، يبتعد أصحابها عن الركون إلى الكسل والخنوع, وتستوي بذلك القصة، وهي تعمق حالة الإبداع في كل المجالات للجيل الجديد القادر على المقاومة… وليس من الضروري بعد هذا كثرة الولادات ولا ضرورة لوجود (الأخت) إلى جوار شابين؛ هما: سعيد الذي ما يزال الآن يقوم بواجبه الوطني في صفوف الجيش والقوات المسلحة, ومحمود الذي أنهى خدمته في الجيش، ولقي مصيره في الشهادة داخل عمله الوظيفي، وهو في الطريق إلى مؤسسته.
ومع هذه الثيمة السردية، التي يود المؤلف التركيز من خلالها على لعبة القدر في حياة الناس، ولا سيما في مثل هذه الظروف؛ حيث يخسر فيها المراهنون كل العلامات الفارقة، إذا لم يفهموا معنى ما تحدثه الثقوب، التي تسكن الهواجس في هذا الزمن الأصلع.
فهل كان الندم كبقية، اختصر معه المؤلف الرؤيا فيما جرى ويجري من أحداث مثيرة للشجون؟! أم أن هناك عجلة في الأمر، الذي يود أن ينهي معه الندم كله؛ لأنه لم يعد مفيداً في تطلعاته التي يطمح إلى تحقيقها.
أخيراً أستطيع القول: إن الملمح العام للقصص التي أنجبتها مخيلة الأديب غسان داخل نسيج سردي، تقود فيها الأحداث شخصيات مختلفة في ثقافتها ومفاهيمها؛ لكنها كانت مناسبة في استحضار نماذجها على المستوى الحركي في عملية القص بشكل عام.
وكانت اللغة في توظيفها البلاغي قادرة على إيصال الأفكار إلى المتلقي حين التأمل في جذرها الاشتقاقي, وبعض مكونات التشكيل الصوري التي تشع فيه الحيوية أيضاً، وهذه هي إحدى القرائن في هيكل السرد المتطور، على مستوى التصوير الفني والأسلوب التعبيري في رصد الوقائع اليومية بصفتها المجتمعية والإنسانية.
***