الفئة: دراسات
بقلم: غسان كامل ونوس
الناشر: الموقع نفحات قلم
تاريخ النشر: 2020-04-06

صدر الكتاب “لي حكاية أخرى” عن دار الهندسة والأدب- صافيتا، أواخر العام (2018م)، للأديبة منال محمّد يوسف، وهو الكتاب الثامن لها في أجناس مختلفة، والثاني الذي يصدر عن دار الهندسة والأدب؛ الاوّل كان عنوانه: “الورود في عامه المليون” في العام (2014م).

إنّ من أهمّ ما يطمح إليه أديب، أن تكون له خصوصيّة، في المعنى الذي يريد أن يوصله إلى المتلقّي، والأسلوب الذي يتّبعه من اجل ذلك؛ ويمكن القول إنّ الأديبة منال يوسف تحاول الوصول إلى هذا الإنجاز بموهبة أصيلة، وجهد دؤوب، وبأشكال أدبيّة متعدّدة، وقد تقدّمت خطوات في الطريق إليه؛ ولعلّ في هذا الكتاب “لي حكاية أخرى” خطى في طريق الخصوصيّة الأدبيّة المنشودة.

ونستعرض هنا أهمّ ملامح الكتاب “لي حكاية أخرى”.

*في الموضوعات:

– شجو شفيف، وشجن عميق:

“كيف لا أزرع الوقت ياسميناً من فيض أحزاني؟!” ص(12)

“ما بين غروب الدهشة وغصن الإشراق أره والدمع يكثر أسئلته حول وعد الأيّام” ص(34)

– أمل منقوص وفرح قاصر وأمنيات مهيضة:

“فأنا على عكاكيز الأمل أعشق الاتّكاء” ص(99)

– إيمان أصيل:

“والحزن السفرجليّ بان وجده، إذ زرعه الله في قلبي وحباه ترانيم تائهة من الوجد السامي”

– عتب على الزمن والأيّام هرباً أو مداراة من الإيمان:

“عتبي على الأيّام” ص(35)

– عاطفة مشبوبة، خجولة.

– طفولة متّصلة مخلّصة؛ في الطلب (الطفولة هي التي تطلب!)

في الحكم أو التقويم (الطفولة هي التي تحكم!)

– ندم حتّى على ما تحلم به

اهجريني يا مواسم البكاء فقلبي ما عاتب الأيّام والدنيا، ولا كتب لها قصائد الهجاء ص (101)

– تساؤل مرّ وأسئلة إنكاريّة:

ألا يكفي أن تطفأ من الأنوار شمسي؟! ألا يكفي؟! ألا يكفي؟! ص(157)

– سموّ الأحزان:

– هوى مختلف:

أنت النبض وترحال هوى مهذّب العطر معذور

– الصوفيّة:

للّه درّك يا حبيبي، تسرمد الوجع في ما هيّة الروح كلّما نطق القلب بهواه

– التماهي بين الخاصّ والعام:

أغرقني بالدمع في كأس الدهر ص (145).

– العلاقة بين العلّة والمعلول، وهذا يحتاج من الكاتبة إلى شرح أحياناً في متن النصّ:

مجروحة روحي من دنيا الوجع، من جمر الحرمان مجروحة، وقلبي معتلّ الهوى نبضه عليل ص (96)

*في البناء:

– نصوص/تشكيلات تتشابه، وتفترق، لكنّها تمتاز بالتماسك:

– بعضها دوّارات؛ تبدأ من كلمة، جملة، فكرة، وتعود إليها بعد طواف؛ ليختتم بها:

“أغائب أنت؟!” ص (63)، “لله درّك يا حبيبي” ص (149)، “أغرقني الدمع” ص(145)، “تخضّب الشوق” ص(57)، “تعالى الشوق” ص (23)، “مداداً يا هوى” ص (73)…

– وبعضها دوائر تنطلق نتيجة شيء ملقى في بركة، حتّى تتلاشى:

“أكرم الشوق” ص(83)، “ألا ليت الزمان” ص(77)، “تذكّرت هواه” ص(31)…

– الإيقاع الداخليّ الخاصّ؛ تناوب الكلمات وتكرارها في السطور، مع وقعها الخاصّ:

“يا سيّد الوقت عذراً، يا سيّد الوقت الجميل” ص(93)

“لاح الصباح، وفي كأسه رأيت السرمد والراح هوى من المحبّة عزفه الجميل على الغصن بان” ص(115)

– مفردات ثرّة وخاصّة:

(السفرجل- الزنجبيل- البنفسج- قمر- الأيّام- آنيات الروح- الشجون- الأحزان- الأمنيات الذابلات- الضحكات الذابلات- أشتاق العطر- فصاحة كلّ الورود…)

– صياغات خاصّة بها؛ ولا سيّما المضاف والمضاف إليه:

“قمح المودّة”، “طحين عشقه”، “كحفاة الأقدار”، أشتاق قرنفل لحنه” ص(35)، “سنونو عشقه”، “مقمر الوعد”، “مشكاة المنى”…

“سألت الأيّام سنبلات عشق من قناديل القمح الموعود.” ص(139)

“أشتاق العطر وفصاحة كلّ الورود.” ص(134)

“واحتار القلب بأيّ الشجون، وبأيّ من الأحزان يبسم.” ص(122)

“اهجريني يا مواسم البكاء، اهجريني بحقّ الأمنيات الذابلات حيناً، بحقّ الضحكات الذابلات…” ص(98)

– التركيز على فكرة:

“جوري أيّتها الأيّام” ص(39)، “ألا ليته يعود”، “والهوى نجمه يلتمع التماعاً”، “ويطبق الرمش على جرح الأمنيات إطباقاً…”

– السرد والتقريريّة (ليست مستحبّة):

“ما كنت لأشتاق إلى فجر إلى ضوء يبحث عن زهر رجاه، وزيّن كلّ التلول بنور حزنه الوضّاء وبمحتواه، ومن بعدك تغيّرت الحال والأحوال، تغيّر الصوت وبقي السفرجل ينادي ضوء الأقمار” ص(63)، “سال العطر لمّاح الشجن بحزن الزهر وكأنّه يترجم قصائد قلبي حكايات مغرومة بشعر المتنبّي وأبي نواس” ص(117).

– عبارات تُقرأ بأكثر من تشكيل:

“أجاد عليّ الزمان بجرحٍ، مضاء الوجل، يناجي العَجل، من معجلات الأمور، قويم العطر، عهده المأمول، يغازل لغات الغروب، تحيّة ودّ تنشد الولوج بنهار الأحبّة؟!” ص (129)

“فاح عبقُ ذكرك، وطيفك لاح، لغة من الإشراق، تضيء الليل، والنهار، والصباح”. ص (118).

– للحروف والكلمات والأوزان مشاركة في بناء النصّ:

“الشوق يا حبيبي قصيدة أحرفها تعبر بنا أوزانها غربة قلب” ص(66)

“هل الأحرف تخون؟!”

“تمتدّ من ألف البداية وحتّى ياء النهاية” ص(22)

– للإعراب وحالاته حضور في التشكيل:

“حال منصوب، الفعل المضارع “ص(64)

“أصبح الضمير مستتراً تقديره قهر” ص(64)

إذا ما رفع ونصب بشوق الأيّام الآتي ص(9)

“إعرابه غير واضح، والأماني باتت مبتدأ والخبر محذوف”

حتّى ما أصبح كأس العمر وإعرابه غير واضح ص (66)

– أسلوب التساؤل والتعجّب:

“أيا شاغلي ألا يشغل بالك حالي؟!” ص(27)

“ألا يكفي؟! ألا يكفي؟!” ص(157)

– البعد الصوفي ما وراء العبارات:

“سموّ الأحزان، “ذابلات الابتسام الماجد” ص(134)، “فاض الدمع في آنيات الروح” ص(138)، “وسألت الله بلسماً لجروح الهوى، سألته أقحوان الحلم وأبجديّات..” ص(137)

– المشاكسة الطفوليّة الواعية

– المفارقة في الفكرة والكلمات:

“تبسّم القلب دمعة حزن” ص(119)

“أورق الزمن وتاه حزني شهقة ألمٍ ملأت عمري” ص(91)

– المقاربة في الألفاظ، والمقابلة بينها:

“جوري أيّتها الأيّام، جوري واعطني الورد والجوريّ” ص (42)

“ترمّل الشوق، وفي عيني الزمن ترمّد” ص (47)

– الهيكل العام للكتاب يبدأ بنصّ عنوانه: السلام ص (5)، وينتهي بـِ ألا يكفي (157)؟!

*

غسّان كامل ونّوس

اترك رداً