الفئة: كلمات ملقاة
بقلم: غسان كامل ونوس
الناشر: كتاب تكريم
تاريخ النشر: غير محدد
رابط النص الأصلي: 

كلمة فرع اتحاد الكتاب العرب
بطرطوس
في الندوة التكريمية للدكتور أحمد عمران
غسان كامل ونوس

السيدات والسادة:
مديدة دروبنا، قصية غاياتنا؛ قريبة قرب اقتناعنا أن في المسير الجاد إليها قدراً مهماً من الوصول.
هذا المسير الذي يحتاج ثقة، ويستولد ثقة، يتطلب عدة، ويشحذها.. والهمة كنانة، والزاد توق ونباهة ومقدرة على التلقي والتخمير والتشكيل والتعبير. وقبل ذلك وبعده، إمكانية العطاء، والرغبة به.
أليس هذا هو المسير الفاعل؟! المسير المجدي؟! أليس هذا هو الحضور الثمين؟! الحضور الإنساني المرتجى في حياة لا تمثل سنواتها المعدودات شيئاً ذا قيمة على لوحة الزمن، إذا ما خلت من جدارة وفاعلية وذكر وصدى يطيب.
الصدى الذي يُحَسُّ، من كائنات تُحسُّ، وتقدّر، وتبوح.
ولعل في التكريم شيئاً من هذا الإحساس، وقدراً من الاعتراف لا تخفى طيوبه.
نرحب بكم أيها الكرام في هذه الندوة التكريمية التي يقيمها فرع اتحاد الكتاب العرب بطرطوس، لأحد أعضائه المجيدين الباحث الدكتور: أحمد عمران.
كتب الدكتور عمران في مجالات ثقافية متعددة: اجتماعية، وفكرية، وتاريخية، وسياسية. وتناولت كتاباته موضوعات تمس الحيز الروحي في الإنسان، إضافة إلى الجانب الوطني والقومي، كما حاول استثارة الامكانات الذاتية، من حيث التفكير والسلوك والمبادرة إلى اتخاذ المواقف المسؤولة تجاه القضايا المصيرية. وقدم فيما كتب أفكاراً عديدة، ودافع عنها، وحلل مواقف وأحداثاً، ورد على أفكار ومقولات، ومزاعم ودعاوى.. وكان بيناً في كتبه العديدة بصفحاتها الوفيرة، التمكّن من الصياغة، وسلاسة التعبير، وسعة الاطلاع، وغزارة الأفكار، والشرح والتعليل..
إن من خصائص البحث الجاد القدرة على الإقناع، دون تجاهل أن الفضاء يتسع لأصوات أخرى، ودون أن نغفل عن أن أياً منا ليس وحده من يمكن أن يمثل الحقيقة، حتى لو اعتقد أنه يمتلكها. قد تفيد الميول والعواطف الباحث في الاهتمام بالموضوع، والتوجه نحوه. لكنها لا تعينه في الحجة، ولا تقدم وحدها الدليل؛ هذا إذا لم يكن لها تأثير سلبي، يضاف إلى العناد والتصامم والمغالاة. وقد تختلف مع الباحث، أي باحث، في الرأي، أو التوجه أو الاعتقاد. لكنك لا تستطيع أن تنكر الجهد، أو تتغافل عن فضيلة المحاولة، واجتهاد الأجر الواحد. فكيف إذا ما اجتمع الأجران؟!
وفي نظرة عجلى إلى نتاج المكرم الدكتور أحمد عمران، سترى أن مجرد الاطلاع عليه يتطلب وقتاً مهماً، ناهيك عن الغوص فيه ودراسته وتحليله. وستقف على قيمة الزمن الذي تطلبته كتابته، ومن ثم إعداده وإصداره. وستدرك أن وراء هذه الآلاف من الصفحات عملاً دؤوباً، وهمة وإرادة. وستتخيل مدى ما بذل من عرق، وما استغرقه البحث والتنقيب في الكتب والمراجع والذاكرة للوصول إلى هذا الجنى.
إن التكريم مناسبة للتذكير بالمكرم، حتى لو لم يكن بحاجة إلى تذكير، وفرصة للحديث عن بعض خصاله ممن يعرفه عن قرب. والأهم من ذلك، الحديث عن إنجازاته عبر دراسات أعدت لهذه الغاية، قد تضيق عنها هذه الفسحة، ويتسع لها كتاب دأب على إصداره اتحاد الكتاب العرب، للمكرمين من أعضائه.
الإخوة والأخوات:
لقد غدا التكريم لدى اتحاد الكتاب العرب، وفي فرعنا بالذات، عادة نعد بتكريسها سنوياً. ونتمنى أن تعتادها جهات أخرى. لأن في محافظتنا الكثيرين ممن يعملون بإخلاص، ويقدمون الكثير، ويمتلكون أكثر. ويستحقون التكريم في مواقع متعددة، وشرائح متنوعة.
فالتكريم تقدير للجهد الذي بذله ويبذله أي منا، واعتراف بالقيم التي يجب أن تثمن. ودافع لاكتناز المعارف وتحصين القدرات، وحافز لتقديم الكثير ممن لديهم الامكانية، وهم كثيرون. فالمحافظة تنتظر، والوطن يستحق، والأمة تحتاج أبناءها الخلّص في كل زمان، فكيف إذا ما كانت الهجمة شرسة إلى الحد الذي نشهد هذه الأيام، فيغدو الاستئصال من الجذور الغاية، والثقافة والمعرفة والإرث والمستقبل أهدافاً غير خافية. لكننا واثقون بالنفس والمبادئ والإرادة والإمكانيات، وسداد رؤى وخطا السيد الرئيس بشار الأسد.
العمر والصحة والسعادة والمزيد من العطاء المقدر للمكرم الدكتور أحمد عمران.
والتحية والشكر والاحترام لكم جميعاً أيها الإخوة الكرام.

غسان كامل ونوس

اترك رداً