القلب الذي انشطر حين غبت، تفتّت حين عدت.
الزهرة التي بكّرت بلهفة، وانطفأت بحرقة؛ هل كانت تعلم شيئاً عن الفصول؟!
اللحن الذي أشرق ذات توق، أو ألم.. لم يكن لديه الوقت ليتعلم!
الظَّهر مكشوف، والرأس بلا هامة، والقامة بلا ظلّ؛ عبثاً تفتّش الطلقة عن مصدر اللّحن الذي أشغل الرامي عن قلب الطريدة.
الوجع الذي ألحّ قبل الموعد، الوجع ذاته هو الذي تلاهُ، أو ربّما أكثر!
القامة التي تعالت على الأذرع والسلال، والجباه التي استظلّت.. لن تجد من يُطرب أو يغيث.
الخضرة التي تتشاسع محمومة، لا تفكّر كثيراً في سبيل الرجوع!
المدار الذي استمال الكوكب المنتشي، لا ينتظر عودته الباردة.
تمهّل، قف، تقول الشاخصة؛ لا تعدْ، لا تنتظر، ما يقوله داخلك،
ويقول النُّصُبُ المجهول شيئاً آخر!
لم يسوّد الدخان تشاؤماً أو عبوساً، ولم يبيضّ للإعلان عن اتفاق المَجْمَع أو نضوج التنور؛ الدخان لا يعبّر دائماً عن معنى الاحتراق.
النذور التي تقام بانتظام، لا تخشاها الخطايا!
قلق النذور لا يقلّ عن أرق الخطايا.
الصوت الذي صدح، لم يتوقّف عند الفتحات، ولا عليها.
المدى المتعثّر بالتضاريس، تستدرجه السهول إلى التثاؤب والآل.
الجبل المشجّر أكثر حذراً من العاصفة.
فسدت الوليمة؛ ليست مسؤوليّة الطيور التي اصطيدت في الوقت المناسب.
لا يُلام القلم الذي خطّ قصائدك المادحة والهاجية للشخص عينه.
ليست مأساةَ الجهة وحدها، تلك التي أطلقتَ إليها عشوائيّاً.
ليس من وجع كافر، ووجع مؤمن.
لا يحتمل العمر المزيد من الأصدقاء، ولا يكفي ما تبقّى منه لترميم الصداقات المهشّمة.
أيّها الغضب، ليست المناسبة لإفراغ شحناتك؛ بل الكثيرون الذين لا يليق بهم سوى الرضا والابتسام.
أن تحبّني لا يعني أنّك ستختارني لتنفيذ رغباتك؛ هل المشكلة فيّ؟!
من يتوقّفون طويلاً على الحاجز، أو المفرق، هم الذاهبون إلى معركة طويلة مع الحياة، أو القادمون إلى استراحة محارب؛ الآخرون يعبرون بلا توقّف.
المطر لم يهطل، والغيم لم يعبر في سمائنا؛ أين ذهب كلّ ذلك البخر؟! أخشى أن يكون حتّى بخارنا يحتاج إلى خميرة مستوردة، ليتكاثف!
كثير من النقد والاتّهام تسويغ وردّ تهمة منتظرة؛ كثير من الشكوى ضعف ونكوص؛ كثير من البلوى ذاتيّ المنشأ والرؤى والتبعات.
الرسول بينك وبيني لم يعتنِ بالرسالة؛ أضاعها، أو حرّف فيها، أو أنّك لم ترسله، أو لستُ المقصود؛ ربّما لم يكن رسولاً.
البياض الذي أَذَبْتَه، ليس مسؤولاً عن القتامة التي ستظهر.
الشراع الذي مزّقتَه، لم يكن مسؤولاً عن العاصفة.
الضوء الذي أطفأتَه، لم يكن مسؤولاً عن تفاصيل المشهد.
في الوشوشة ما يختلف عن الكلام المباح.
من وصل إلى الرحيق، ليست استشعارات النحل.
لم يهتدِ الغيم الظمآن إلى الضرع المكتنز.
الحيرة لا تشغل بال الصيّاد الهاوي.
الضحيّة تشتهي صيّاداً يحسن الخيار لا التسديد.
الشيطان ترفّع عن التفاصيل إلى العنوانات والنوايا.
الحكاية لا تنتظر الرواة، والراوي لا يكتفي بالوقائع، والوقائع لا تهتمّ بالضحايا، والضحايا مشغولة بالوجع عن الأسباب، والوجع لا يعبأ بالعدد، والشهود منشغلون بالعدّ، والأعداد بلا نهاية.
يشاغلك الطريق بالشاخصات والمفارق والضفاف عن الوصول أو الكمين.
الحيّز الذي يتضايق بالأرق والكوابيس، ويتضاغط بالمواجع والمآسي، يمكن أن ينفتح على التأمّل والصبر والغار!
حتّى الثمار المُرّة، تكون نتيجة إزهار جميل.
** من كتاب بالعنوان نفسه، يصدر قريباً