الفئة: زاوية
بقلم: غسان كامل ونوس
الناشر: الأسبوع الأدبي-ليس آخراً
تاريخ النشر: غير محدد
رابط النص الأصلي: 

في الصحو مكرٌ وهجرٌ ونكران؛
في الأفق مزنٌ وريحٌ وعكارة؛
في السمع وقرٌ وضجّة وعماء!
وفي الحيّ جورٌ وعسفٌ وسوءات؛
في الركن هجسٌ وعجزٌ ووسواس؛
وفي الدرب قفرٌ وأفخاخ؛
وأنا الحرُّ المتبلّد، العبد المتفلّت..
أنا الضائع في الرّجمِ في انتظار القيامة؛
الضالع في القول المنكَر والفعل الشائن؛
أنا الضلّيل الساكت عن عبثٍ دامٍ؛
أنا الرّعديد الساعي إلى طودٍ ذاهل أو غورٍ جاهل؛
أنا المارق الغارق في لجّةِ لغوٍ وطميِ فتاوى؛
أنا العاقُّ العقلَ والمفارقُ المنطقَ، والواصل بين الأضداد، المارد في ثوب العابد، الشارد والجاحد والحاقد!!

لا ترمِ الجمرةَ من نفسكَ؛ فأنا أُحميها!!
لا تطفئ ناراً في البيدر؛ فأنا مشعلها!!
لا تزرع، لا تسقِ، لا تجنِ، لا تدفعْ؛ فأنا من يشفع!
لا تهرع للغوث، لا تلقِ للملهوف الطوق، لا تُبقِ للحرّة ثدياً، أو للرّجوة معنى!
أنت الغاصب، أنت الناصب، أنت الناعب، أنت الراعب..
وأنا الراهب، أسمو عنك، وأشقى في دنيايَ لأجلك، أزهد.. أترفّع عن بذل الروح، وضنك البوح، لأبقى سمْتكَ في المحراب، وتبقى سهميَ في كبد التقوى!!
وأنا من أجل الفوز الأعظم أَظلُم لا أُظلم!
وأنا من أجل الحظوة عند الأعلى، أسلب بيديك، وأسمل، وأقطّع؛ أنت الحدُّ، وأرمي لوحوش البرّية أنفاساً حرّى
وأنا لا أشبعُ من لحم الأخوة
وأقيم ولائمَ من وجعٍ مخنوقٍ وأنين
بُشرايَ بأنّ الأشلاء تلوب على مرقدِ أمنٍ، والدمعة لا تَلقى مجرى
بُشراكَ ستسبقني، وتهيّئ لي عرشي
وأنا اللاحق بعد استكمال الحجّة وأداء الفرض
بألّا أترك عِرضاً أنقى، أو أبقيَ نبضاُ أسمى!!

للباطل ظهورات وصولات؛
للشرّ مفاوزُ ومنابر.. ومقابر؛
للفجور قدور تغلي، وأياد توقِد، وأفواه تنفُخ،
وللعقوق والفسوق والمروق فصول وأزمنة؛
لكنّ للحياة فصولاً أخرى،
وللمروج مواسم أخرى،
وللدروب خطا واثقة ولهفات..
وللشروق رؤى ومواعيد، وللعهود ثقات، وللمواثيق رعاة،
وللكائنات أفئدة وزفرات وشهقات وحواسّ وأنات؛
فما للعَصيّ التقيّ النقيّ انكفاء
وما للدّعيِّ العييِّ ارتقاء
والكائنات إلى اصطفاء!!

القلب وما أصفى، والعقل وما أزكى،
والصبر وما يبقى،
وعند الرّجع الأعذب، والنبع الأغزر، الروعةُ في الملقى
الحبُّ المنطلقُ الصدقُ المنجاةُ الوثقى.
***

اترك رداً